Wednesday, February 23, 2011

أزمة قادة

من إبتلاءات العرب وازاماتهم التاريخية التي كانت ولا تزال وستبقى الى بعث القائد الهمام الذي يعيد للحق الزمام ويحسن القياد ويسوس الناس بالعدل ويرسيه في النفوس قبل الواقع حتى اذا ما رحل يبقى الناس على ما علمهم ولا يضيعونه بعد.
لما ذاقوا من حلاوة الامن والعدل الى ان يرث الله الارض ومن عليها.
احدى المشكلات الاساس التي اضاعت العرب وضيعتهم هي ازمة القادة.
ابتلي العرب على مر تاريخهم بقيادات غير حكيمة فاسدة فاجرة اضاعت الريح والثروة.
قيادات كانت ولا تزال تنظر الى الناس الرعية على انهم ملكهم عبيدا لهم.
فما بعث رسول الله صلى الله عليه واله وسلم نبيا رسولا في ذاك الزمن إلا لما انعدم الرجال القادة وليضع المعايير الجددة لمن يجب ان يقود البشر والبلاد.
غير ان ارادة حالت دون ارادة الله.
فالذين اصدم بهم أول ما صطدم، هم مدعوا الرياسة والقيادة، ولم يسلموا له طوعا ازمتهم، بالرغم ماعرفوه فيه من حسن خصال وصدق رواية ودعوى، بل ماطلوا وسوفوا فمنهم من مات على ذلك ومنهم من استسلم ولم يؤمن وكمن في نفسه ولما لاحت له فرصة وثب عليها ممن لم يكن له حظ فيها ولا نصيب وكان نكرة في الجاهلية قبل الاسلام، ومنهم من كان ذو شأن بنظره قبل الاسلام وضاعت منه بالاسلام وعادت اليه ليحكم حكم الجاهلية باسم الدين.
لم يجدوا في الاسلام سوى ملك، عرش وسلطه مال، ولذة تسلط رهيب وقتل، تضييق على العباد وتشفي.
بينما اراده الله عزا وسماحة، غنى وقيم حياة افضل، انسانية كاملة خلاقة.
ماذا خلفوا طيلة اربعة عشر قرنا غير مخازى وعار.
بالمفهوم العالمي هم عالة على الدنيا خيرهم لغيرهم .
اما ومن توالى على الحكم كان من اشد المنتقمين من الشيعة خاصة على مدى العالم الاسلامي، وذاق فيها الشيعة الامرين في كافة العهود والعصور الى يومك هذا.
وكان الحكم دولة للاخرين ليسوا جميعا فمن لم تنله عطايا الملوك ومكرماتهم لم ينلهم عقابهم ورفع عن رقابهم السيف على الاقل، ربما عاشوا فقراء معدمين مسحوقين في كل تلك الدول انما لم يعانوا الخوف والعذاب والتنكيل والعسف والظلم والجور الذي عانته الشيعة.
فلم يسلموا من سيوف الجلادين حتى لاحقتهم فتاوى الزنادقة من المفتين المأجورين بتكفيرهم وحل دمائهم واموالهم واباحة اعراضهم.
وهاكم نماذج من الحكام: بنو امية ساء مثلا، ها هوابو سفيان يصيح في جمع من بني امية لما ولي عثمان الخلافة وسدة النبوة " تلقفوها يا بني عبد شمس تلقف الكرة فو الله ما من جنة ولا نار.
وقيل انه قال يا بني اُميّة، تلقّفوها تلقّف الكرة، فوَالذي يحلف به أبوسفيان(أي اللات والعزى) ما زلتُ أرجوها لكم، ولتصيرنَّ إلى صبيانكم وراثةً.
معاوية ابنه يقول بعد ان مزق وثيقة الصلح مع الامام الحسن عليه السلام وداسها تحت قدميه: ايها الناس ما وليتكم لتصلوا وتصوموا اعلم انكم تفعلون ذلك انما وليتكم لأتأمر عليكم وقد اتاني الله ذلك وأنتم له كارهون.
وهاهو يعلن في الاصقاع ان برأت الذمة من ابي تراب واتباعه، ولعن علي عليه السلام على اثنين وسبعين الف منبر.
الحجاج في خطبة له في امر اليوم امام اربعون الف مقاتل من خيرة شباب المسلمين من البصرة والكوفة يتهيئون للغزوبصفته القائد العم للقوات المسلحة:أقتلوا الرجال ولا تدعو بيضاء ولا صفراء و
لا شئ يدب على قدمين الا وجئتموني به.
ويسوم شيعة امير المؤمنين الذل والهوان والقتل صبرا دونما ذنب سوى التشيع لله.
وابتليت الامة بيزيد وقتله الامام الحسين عليه السلام وعيبد الله بن زياد وبنو امية من ال مروان، الوليد بن عبد الملك يجعل من القران غرضا لسهامه يرميه وكان الوليد هذا بن يزيد زنديقا ذرية بعضها من بعض، وانه افتتح المصحف يوما فرأى فيه (وأستفتحوا وخاب كل جبار عنيد) فاتخذ المصحف غرضا ورماه حتى مزقه بالنبل وهو يقول
أتوعد كل جبار عنيد * فها أنا ذاك جبار عنيد
فإن لاقيت ربك يوم حشر * فقل يا رب خرقني الوليد
ولم تنتهي دولتهم وتنقرض الا وكانوا قد شردوا الشيعة في اسقاع الارض ونواحيها.
واما بنو العباس من اولهم الى اخرهم ليس فيهم الا الجلف الغليظ حتى قال قائل أهل البيت: يا ليت جور بني مروان دام لنا وليت عدل بني العباس في النار
فقد كان يتبرك بوضع علوي في اساس البيت عند بنائه او يوضعوا بالاساطين احياء ويبنى عليهم.
وهكذا توالت عليهم خاصة وعلى الامة عامة النكبات من السلاجقة إلى الايوبيين فالمماليك، إلى الاتراك، ولم يتنفسوا من ظلم الحاكم الذي حكم باسم الدين والاسلام نحوا من ثلاثة عشر قرنا، طيلة عهد الاتراك البغيض المملوء بالمخازي والمفاسد.
وجاء عهد الاتتداب، ومن ثم عهد الاستقلال، العهد الذي تبدل فيه نوع الحكم ليس الا.
فها هو احد ملوك الطوائف يقول انه مستعد لدفع مئتا مليار دولار ولا يحكم الشيعة العراق.
ويعادون ايران الشيعية واضعين ايديهم بايدي اسرائيل حرثومة الفساد في هذا العصر، التي تحتل الارض قتلت وشردت واعتدت بابشع انواع الاعتداء،زما تزال، بمباركة عربية بل تبعث بالفاتورة الى الجيران الاخون فيدفعون بكل ممنونية.
لانها عدوة للشيعة والشيعة اعدائها الاول، فها هم يصانعهوها ويحاكونها في العداء.
ويقول الله سبحانه من قائل (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ {المائدة/82})
معمر القذافي نسخة منقحة ومزيدة عن السلف الصالح اميرا للمؤمنين خليفة لرسول رب العالمين وملك ملوك افريقيا زعيم الجماهيرية العظمي يقصف شعبه بالطائرات.
هاجمته الدولة العظمى لم يحرك ساكنا سوى لسانه، هاهو يسحق جماهيريته.
صدام حسين من قبل.
حسني مبارك سرق من اقوات الفقراء سبعون مليار دولار وفي مملكته اربعة ملايين يسكنون المقابر وخمسون مليونا تحت خط الفقر.
وفي دولة مثل لبنان المنكوبة بزعمائها والمدينة للعالم باكثر من خمسون مليار دولار يسرق رئيس وزرائها فؤاد فارس في اربع سنوات تسلط اكثر من اثني عشر مليار دولار.
ويبيع حاكم السودان اخصب ارض في بلاده واغناها في العالم على الاطلاق من الذهب الاسود واليورانيوم وينزل عنها لامريكا مقابل ان يبقى في الحكم متسلطا وكان الله خلقه وخلق امثاله وكسر القالب .
وما بالك في اليمن ، والبحرين، والسعودية طوبوا الحجاز مملكة لذرية خير من عليها ال سعود ملكا لهما جيل اثر جيل الرمل والحصى والثرى وماتحت الثرى والثريا.

وقف أمامنا الحسين عليه السلام وقفته المشهودة بين يدي الوليد بن عتبة والى يزيد على المدينة ومعه مروان بن الحكم معلنا صارخا في وجهيهما وبصوت مدوى وصل صداه الينا وما يزال يغذ السير في الايام الى يوم الدين قائلا ووضعا الصفات العامة للقائد الحقيقي والصفات العامة للمتسلط الذي لا يجوز الركون اليه والقبول بحكمه: أيها الامير إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومحل الرحمة، بنا فتح الله، وبنا يختم، ويزيد فاجر فاسق قاتل النفس المحترمة معلن بالفسق . ومثلي لا يبايع مثله. ولكن نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون اينا أحق بالخلافة.
وعلى الاسلام السلام اذا قد بليت الامة براع مثل يزيد.
وما أكثر أمثاله اليوم فاجرا يرث فاجر.
البلاء كل البلاء من حكام السؤ، ومن صنيع الامة وقبولها به لانها نظرت الدنيا فوجدتها بايدي هؤلاء ونظرت الاخرة فوجدتها مع الائمة ففضلوا الدنيا على الاخرة.
فهنيئا لكل منهم بقسمه.
والاخرة خير وابقى، والاخرة هي خير لك من الاولى. فسوف يعطي الله فيها حتى منتهى الرضا حياة تدوم وتبقى.

تتمة...

من اعمال شهر ربيع الثاني وجمادى

في شهرِ رَبيع الثّاني وَالْجمادى الاُولى وَالجمادى الاخِرة



قد خصّ السّيد ابن طاوس غرّة كلّ من هذه الشّهور الثّلاثة بدعاء.
وقال الشّيخ المفيد (رحمه الله) انّ في اليوم العاشر من شهر ربيع الّثاني سنة مائتين واثنتين وثلاثين ولد الامام الحسن العسكري (عليه السلام) وهو يوم شريف جدّاً ويستحبّ فيه الصّيام شكراً لله على هذه النّعمة العُظمى.
والمناسب في الثّالث عشر والرّابع عشر والخامس عشر من جمادى الاُولى زيارة فاطمة الزّهراء صلوات الله عليها واقامة ماتمها فقد روي بسند صحيح انّها عاشت بعد أبيها خمسة وسبعين يوماً وقد كانت وفاة النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الثّامن والعشرين من صَفر على المشهور فيلزم أن تكون وفاتها (عليها السلام) في أحد هذه الايّام الثّلاثة.
وفي يوم النّصف منه سنة ستّ وثلاثين فتح امير المؤمنين (عليه السلام) البصرة.
وفيه كانت ولادة الامام زين العابدين (عليه السلام).
وزيارة هذين الامامين (عليهما السلام) في هذا اليوم مُناسِبة وأمّا أعمال شهر جمادى الاخرة فهي أن يصلّي كما روى السّيد ابن طاوس أربع ركعات أي بسلامين في أيّ وقت شاء من الشّهر يقرأ الحمد في الاولى مرّة وآية الكرسي مرّة وانّا أنزلناه خمساً وعشرين مرّة وفي الثّانية الحمد مرّة واَلهيكُمُ التّكاثُر مرّة وقل هو الله احد خمساً وعشرين مرّة وفي الثّالثة الحمد مرّة وقُلْ يا أيّها الكافرونَ مرّة وقل اَعوذُ بِربّ الفَلق خمساً وعشرين مرّة وفي الرّابع الحمد مرّة واذا جاء نَصرُ الله والفتح مرّة وقلْ اَعوذُ بربِّ النّاس خمساً وعشرين مرّة ويقول بعد السّلام من الرّابعة سبعين مرّة سُبْحانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ وَلا اِلهَ اِلاَّ اللهُ وَاللهُ اَكْبَرُ وسبعين مرّة اَللّـهُمَّ صَلّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ثمّ يقول ثلاثاً : اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤمِنينَ وَالْمُؤمِناتِ ثمّ يسجد ويقول : في سجوده ثلاث مرّات يا حَىُّ يا قَيُّومُ يا ذَا الْجَلالِ وَالْأَكْرامِ يا رَحْمنُ يا رَحيمُ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ ثمّ يسئل الله حاجته يصان من فعل ذلك في نفسه وماله وأهله وولده ودينه ودنياه الى مثلها في السّنة القادمة وان مات في تلك السّنة مات على الشّهادة أي كان له ثواب الشّهداء .
اليوم الثّالث : من الشّهر سنة احدى عشرة توفّيت فاطمة صلوات الله عليها فنبغي أن يقيم الشّيعة عزاءها ويزوروها ويلعنوا ظالميها وغاصبي حقّها والسّيد ابن طاوس في الاقبال قد ذكر وفاتها في هذا اليوم ثمّ ذكر لها هذه الزّيارة :
اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا سَيِّدَةَ نِسآءِ الْعالَمينَ اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا والِدَةَ الْحُجَجِ عَلَى النّاسِ اَجْمَعينَ. اَلسَّلامُ عَلَيْكِ اَيَّتُهَا الْمَظْلُومَةُ الْمَمْنُوعَةُ حَقَّها . ثمّ يقول : اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى اَمَتِكَ وَابْنَهِ نَبِيِّكَ وَزَوْجَهِ وَصِىِّ نَبِيِّكَ صَلاةً تُزْلِفُها فَوْقَ زُلْفى عِبادِكَ الْمُكَرَّمينَ مِنْ اَهْلِ السَّمواتِ وَاَهْلِ الارَضينَ .
فقد روي انّ من زارها بهذه الزّيارة واستغفر الله غفر الله له وأدخله الجنّة .

قد أورد هذه الزّيارة نجل السّيد ابن طاوس أيضاً في كتاب زوائد الفوائد وقال انّها تخصّ يوم وفاتها (عليها السلام) وهو الّثالث من جمادى الاخرة وقال في كيفيّة الزّيارة بها تصلّى صلاة الزّيارة أو صلوتها (عليها السلام)وهي ركعتان تقرأ في كلّ منهما بعد الحمد سورة قُل هُوَ اللهُ اَحَدٌ ستّين مرّة فإن لم تقدر فاقرأ بعد الحمد في الاُولى قُل هُوَ اللهُ اَحَدٌ وفي الثّانية قُلْ يا اَيُّهَا الْكافِرونَ فاذا سلّمت فقل اَلسَّلامُ عَلَيْكِ الى آخر الزّيارة .
اليوم العشرون : ولدت فيه فاطمة الزّهراء سلام الله عليها بعد البعثة بخمس سنين أو سنتين ويناسب فيها عدّة أعمال
الاوّل : الصّيام .
الثّاني : الخيرات والصّدقات على المؤمنين .
الثّالث : زيارة سيّدة نسآء الدّنيا والاخِرة.



تتمة...

Friday, February 18, 2011

خطبة الجمعة المسجد حيث القول السديد

المسجد حيث القول السديد
الحمد لله رب العالمين اللهم صلى على خير الورى اجمعين رسولك المصطفى الامين وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين الهداة المهديين سيما خليفة الله الاعظم الامام الحجة اللهم عجل فرجه واجعلنا من اعوانه وانصاره وخدامه وعلى الاصحاب المنتجبين وعباد الله الصالحين ولعنة الله والملائكة والنبيين والناس اجمعين على اعداء الدين من الاولين والاخرين.
اخوة الاسلام والايمان في مشارق الارض ومغاربها السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد

في مجتمع تتحكم فيه الغرائز والشهوات، وتسيطر عليه العصبيات البغيضة، وتحكمه قوانين جائرة تستعبد خلق الله الأحرار وتحويلهم إلى عبيد، بقمع الحرية المودعة فيهم أصلا من المنشأ.
في مجتمع غارق في التخلف والجهل، مجتمع يشارف على الهلاك والموت، وكما عبر عنه الله عز وجل ...وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ... {آل عمران/103}
في ذلك الجو بعث النبي محمد(ص) بالإسلام ، و" بإقرأ" نزل الوحي.
ونزل فيما نزل وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا {الجن/18}.
علم الله أن سبب هلاك وتخلف هذه الأمة التي أرادها أن تكون رائدة الأمم وقبلتها وأن تكون الأمة الوسط، وأن تكون خير أمة أخرجت للناس، لن تكون كذلك ما دام دائها الجهل ودوائها العلم، فأُول كرم الوحي كان إقرا. ولما قال إقرأ؟ ولم يقل صل أو صم أو زكِ أو جاهد ؟!
هذه المعاني التي ننزلها منزل القداسة والطليعة من إسلامنا، وهي بنظرنا العنوان لإسلام صحيح.
هي كذلك، وليست مجرد عناوين، لكن يجب ان نؤديها عن عقل ومعرفة لكنهها وحقيقتها ولسبب تعبدنا بها.
إما أن نمارسها تقليدا موروثا، ونتمسك بها عصبية، أو محاباة ، فهنا تكمن العلة، وهذا بلاء امر وادهى من الجهل، وهو ما عليه الامة اليوم، وأعني بالأمة لا مجموعها الكمي بل أولئك المدعين لنخبتها، ويسوقون الناس على هذا الاساس، وهم من نصبوا أنفسهم حماة للدين وحراس للعقيدة وليطبق بحد السكين.
إن أولى المؤسسات التي بنيت في دولة الإسلام بعد الهجرة في دار الهجرة كان المسجد.
والمسجد ليس مكان لاداء الصلاة بطقسها المتعارف عليه فحسب، بل لتعلم معانيها العظام وأدائهم تطبيقا خارجه بين الناس، إنه الجامعة التي تجمع المؤمنين، يتعلمون فيه أصول دينهم ودنياهم، وهو الملجأ الذي يتوجهون إليه لحل جميع النزاعات، وربط التحالفات أمام الله وفي حضنه وتحت سقفه.
نتلمس أحينا الطريق ونخبط خبط عشواء أحيانا كثيرة نبحث عن هذا الدور الضائع للمسجد، ونعتقد أحيانا أن المسجد يمارس دوره الاول الحقيقي والمطلوب منه، فمن مكان الصلاة، وفيه تجتمعون وتتدارسون شؤونكم وشجونكم، وهو المكان الذي تلتقون فيه دونما رسميات المواعيد واللقاءات، وهو المطرح الذي تأتون بأبنائكم ليتعارفوا ويلتقوا ومنارة العلم والمعرفة.
للمسجد دور رائد ومكانه متقدمة لدي المسلمين، أراده الله ان يكون منبر الاسلام، والمصهر الذي تبنى فيه الرجال والنساء على حد سواء، يتعلمون القول الحق، والقول المقرون بالعمل،حين يتعلمون فيه آيات الله العزيز تصدح "كبر مقتعا على الله ان تقولوا ما لا تفعلون" فمن المؤسف أن يتحول دوره- لا بل يحرف- في بلاد الإسلام لاداء فرض رسمي أثناء الدوام فقط في احسن الحالات،بعد ان تحول منبرا للسلطان وألوا الامر مخدرا للمؤمنين، محولا اياهم اتباع بلهاء، لا يصدر منهم او عنهم ادنى اعتراض.
فللمسجد روحانية خاصة وعبق خاص يؤثر على اتخاذ القرار الأكثر موائمة وصوابية وأقل حدة وتطرفا، فهو ببساطة الجامع الذي لا يفرق، هكذا نفهمه.
ولكن السؤال هل هذا هو ما عليه اليوم، الجواب ابدا. لقد تطرف المسجد وراح يلفظ بنيه خارجا، اننا نجده حكرا على فئة ومحرم على اخرى من شريحة المسلمين بسبب ما يمارس فيه من أفكار ابتعدت عن الاسلام وتنسب الى الاسلام ظلماً وعدونا، وما الدليل على صحة مدعاي: الاول فعلاً هناك شريحة كبرى من المسلمين لم يعد المسجد الحالي يعني لها اي اهمية، وذلك بسبب ما تراه لا يناسب طرحها، فلا تقربه ولا تدخله.
الثاني: الجامع لم يعد جامعاً بينما الجامع الذي اراده الله ان يجمع لا يفرق فالخلل إذا ليس فيه ولا من الدين، بل من القيمين عليه، ومن طرحهم لما خلطوا بين العام والخاص، ولما قاسموا الله عبيده، ونعمه.
نتطلع دوما ونأمل ونحاول من خلال ما نبني ان نبني تلك الاخوة الايمانية المتهاوية نوعا ما بين المؤمنون.
نتطلع إلي إسلام صحيح غير مصطنع أو نسخة اخرى عنه من صنع الناس، لا من صنع الله. تنسب زورا الى الله في زمن تزوير الحقائق والاشياء كلها.
وفي ظل الحرية المطلقة التي لا يوفرها إلا الاسلام، فكل الحريات ما عداه زائفة. هنا الملاذ تلتزمون دينكم الصحيح، دونما إكراه، فكنتم حينئذ خير الأمم، الأمل الموعود، الأمل لوجه إسلام مشرق، يزيل تلك الصورة الشوهاء عن إسلام ألصق به شانؤه زورا، تهمة الإرهاب والتخلف والجهل.
الإسلام يا سادتي حرية وديمقراطية ورقي وتقدم وعلم، وقوة عظمى لا بالغلبة والقهر بل بما فيه يكمن عظمة هذا الشيء، إنه يقهر ويصهر بالسلام بالكلمة الطيبة المثلى اللتي تدعوا الى سوآء، غير أن شذاذ الافاق أحفاد بني أمية جردوه من سلاحه وصنعوا له انياب ذيب وأظافر، وهو ليس كذلك.
والإسلام بعد حياة فضلى بكل ما للكلمة من معان، وهو بعد ذلك آخرة أسعد، وما ادراك ما أسعد فالخوض في بعض تفاصيل الآخرة هذه بحد ذاته أمر مذهل.
تسألني أين هو برك هذا الذي تحدثنا عنه وكأنك تشير الى أمر منقرض.
أقول نعم لم يقيض له بعد رجال ولا نساء، فقد نام طالبوه.
المسجد الجامع هو أنت بنيان الرب، هو في كل بقعة عليها حللت، فلا يجوز تنجيس المساجد، ويجب تطهيرها من كل دنس فورا.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

تتمة...

Wednesday, February 16, 2011

هل نحن على العهد

في الأجواء المباركة لولادة خاتم الانبياء والمرسلين خير البشرية أجمعين

بسم الله الرحمن الرحيم

هل نحن على العهد
في أجواء ولادة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولادة الاسلام طبعاً، وبالتالي ولادة دولة الله على الارض التي يستضل بفيئها الناس ويعيش في ظلالها العالم اجمع.
دولة الوسط، ودولة العلم التي شعارها (إقرأ).
دولة كان من المفترض لها أن تكون شعاعاً للعلم ومنارة للعالم.
ونكون العرب من طليعتها، والمسلمين سادتها ومعلمي مبادئها.
عنا ومنا تأخذ الدنيا بأسرها ما ينفعها من علوم وقيم ومثل انسانية راقية،
فعلينا أنزل الله تعالى خير دين وخير دستور ونظام بخير نبي عربي،
ونظاماً عالمياً جديداً بحق.
هل حقاً قامت للعرب دولة وحضارة ومجد مزعوم نبكي على اطلاله،
فان لم يكن هذا زعم؟!!! اذاً فما الذي حدث؟ وماذا جري؟ واين الخلل؟ ومن السبب؟ ما الاسباب التي حالت دون ذلك؟ وهل ما نحن عليه اليوم كاف ومحقق لما اراد الله من بعثة نبيه الاكرم محمد صلى الله عليه واله وسلم؟.
فلنعد لنقرأ المشهد من جديد فتعالوا معي إلى التاريخ نحدثه نسائله علَّه يجيب ؟
... فمن قوم خاملي الذكر ومسدودي الافق والمستقبل، من قبائل متناحرة، وشراذم شعوب تتبع سياسياً الى فارس بواسطة ملوك الحيرة.
من قوم عبَّر الله عز وجل عنهم بقوله: كنتم على شفا حفرة من النار وكنتم امواتا.
وقام الاسلام موحداً بين المتنافرين الأضداد وجمعهم في نطاق واحد بعد أن مزقتهم العصبيات وكادت أن تفنيهم الصراعات القبلية وتقضي عليهم.
وإذا بالدين الجديد يحولهم بين عشية وضحاها إلى شعب ممتلئ حيوية وحمية ونشاطاً وحماسة لقومية جديدة ألا وهي الاسلام.
وهيأهم الدين الجديد إلى أن يسخروا من الموت ويستهينوا بالحياة لما وعد به المتقون.
من شراذم متفرقة تحولوا إلى دولة قوية دب في نفوس أهلها الحياة وبعثت من جديد. أعطاها الاسلام دفعاً ودفقاً ومعنويات استعاضت به عن قليل عددها الذي كان مصدر القوة.
فاستقوت بالاسلام،وتسلحت بالإيمان، فخلال مدة وجيزة صارت حدود دولة الاسلام تخوم بزنطة، بعد أن استولوا على أغني أطرافها وهي بلاد الشام والجزيرة، وقد تجاوزوا إيران وما وراء النهر وخضعت لهم مصر الخصبة الغنية ونواحيها.
هذه هي الحال باختصار شديد لما كانت عليه حال العرب قبيل البعثة وأثنائها وبعدها.
ويتوفى الله عز وجل نبي الاسلام الذي كان قد أخذ على المؤمنين عهوداً ومواثيق وبيعة عن الله عز وجل عند غدير خم، فإذا بالبيعة تنقض ويخلف العهد.
وباتفاق من ابي بكر وعمر وابي عبيدة كانت نتيجته "الفلته"مبايعة ابي بكر بالخلافة بالرغم من الفاصل الزمني القصير عن بيعة الغدير، وبيعة ابي بكر الذي قامت بوجهه ما اطلق عليه حروب الردة التي قمعت بالعنف وبالقوة ودون هوادة ورحمة، وكثر الأدعياء الكذابون وكل ذلك مردة الاستهانة بعهد النبي.
وتقول روايتها أن العرب ارتدت بعد رسول الله إلا قليل. والواقع والحقيقة أن العرب بعد أن بلغها وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتسلم ابي بكر الخلافة استنكرت وأبت أن تعترف بذلك وتخضع له لما في عنقها بيعة لعلي بن ابي طالب عليه السلام حسب ما أخذ النبي منها ذلك يوم الغدير، واعتبروا ان تولي الخلافة من قبل ابي بكر نقض لتلك البيعة وبالتالي رفضوا أن يسلموا أموال الزكاة والخراج إلا الى السلطة الشرعية، وعاد جباة الزكاة الى الخليفة خالي الوفاض وقالوا إن القوم ارتدوا ولن يدفعوا ما عليهم من زكاة.
هي أولى محاولات العصيان المدني التي حدثت في العصر القديم، ولتبرير الحملة على اولئك العصاة بنظر السلطة لا بد من مسوغ شرعي للقمع،لا بد من فتوى، ووجد من يفتي، ويوجد الحل بأنهم ارتدوا ببساطة؟! وكان من أمرهم ما كان.
كانت هذه وما تبعها من أحداث إنقلاباً على الاسلام. إنقلالا على إرادة الله عزوجل. وهي أولى الأسباب التي حالت دون قيام دولة الاسلام. فما جري من بعد وإن كان فيه مصدر قوة إلا أنه لا يعدو بنظرهم عن كونه جاهلية جديدة وقفزة جديدة للعرب من نطاق ضيق مجاله الحجاز فقط مارسوا فية غزوهم وسلبهم وصراع الأقوى إلى مسرح أكبر إمتد خلال مدة وجيزة ليشمل العالم القديم تقريباً.
والأنكى والأمر والأدهي أنه بأسم الدين وخلافة رسول رب العالمين!!!
فقد فتحت الغزوات أو ما سمي بالفتوحات شهية العرب على المزيد من التوسع.
والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه هل كان نشر الاسلام هو الهدف مما عرف بالفتوحات؟ الجواب ببساطة كان الغطاء للتوسع الذي يدر أموالاً وأنعاماً وعبيداً وجواري وأراض وممالك يتولى عليها بأسم رب العالمين.
إما الاسلام آخر الهم. وشواهد التاريخ كثيرة وحاضرة. بل إن العرب الفاتحين سائهم إسلام أقوام دخلوا فيه خوفاً وطمعاً، بل إن في كثير من الاحيان لم يقبل أسلامهم! لماذا؟ لأن القاعدة الاسلامية تقول إن الاسلام يجب ما قبله وبالإسلام تحفظ الاموال والدماء والأعراض. ومع ذلك فلم يسلم الكثير من بلاد سجستان وما ورائها (الجمهوريات الاسلامية في الاتحاد السوفياتي السابق) من القتل والسلب والنهب والسبي بالرغم من إشهار إسلامهم، ولا حملات الختان الجماعية التي قاموا بها طوعاً لتاكيد الهوية الجديدة ؟
وقامت دول للامويين والعباسيين وسلاجقة ومماليك وبويهيين وأتراك. ماذا قدموا للاسلام أين دولتهم، أموال طائلة وهائلة أضخم في ذلك الزمن من أموال النفط في أيامنا هذه، بددت جميعها على الحريم من قيان وجواري وغلمان وملذات فضاعت في التاريخ.
أين آثار تلك الدول، بضعة مساجد وتكايا، هل الاسلام مسجد فحسب، ربما لتاخذ فيه الفتوى بقتل الاخوة فقط.
الباقي وشهادة للتاريخ الازهر الاثر الفاطمي الجليل ولولا دفع الله لنقب حجارته صلاح الدين لانه من الارث الفاطمي مع ما اتلف من مكتبته الاغنى على الاطلاق اذاك.
ذكر أنه رمي بظاهر القاهرة من كتب الازهر مئتا ألف مجلد معضمها بخط أصحابها، حتى عرفت بتل الكتب.
نعم نبغ بعض الأعلام المعدودين من أطباء وعلماء كيمياء وفلك وحساب وعلم الهيئة والاجتماع، كانوا أفرادا قلة، ومبادرات أفراد، وعاشوا في فقر وخوف ومطاردة من السلطة في كثير من الاحيان، لمصادرتهم لمصلحتها فلا يطيب الكلام ويحلو إلا للسلاطين.
فلم تقم للاسلام دولة لإنه لم يقيض له رجال ليقوموا به خير قيام . لأن الأوائل قدموا من اخر الله واخروا من قدم. وسارت سنة الى يومك هذا ولن أطل الشرح فتأمل مليا.


تتمة...