الكلمة التي ألقاها سماحة السيد مهدي الامين في المؤتمر التاسع لعلماء المسلمين الشيعة في امريكا الشمالية المنعقد في ولاية اطلنتا تشرين الأول 2009
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الصادق الأمين وعلى أمير المؤمنين قائد الغر المحجلين
وعلى الذرية الطاهرة من الائمة الهادين المهدين
والسلام على حجة الله في الأرضين صاحب العصر والزمان روحي له الفدا، الذي سيصله حتمت تقريرا عن مؤتمرنا هذا عسى أن تسر نفسه الشريفة به، ولا يكونَ كدراً عليه ولا نكون ممن يطيل في غيبته لقوله عليه السلام:".. ولو أن أشياعنا وَفَّقهم الله لطاعته على اجتماع القلوب لما تأخر عنهم اليُمن بلقائنا، فما يحبس عنهم مشاهدَتِنَا إلا لما يتصل بنا مما نكرهه".
والسلام على الذين اتبعوهم بإحسان واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أعداء الدين من الأولين والأخرين إلى قيام يوم الدين.
السلام عليكم سادتي أصحاب السماحة والفضيلة العلماء الأجلاء والسادة الحضور ورحمة الله وبركاته.
وبعد،
من دواعي السرور أن أقف بينكم محاضراً في مؤتمركم وجمعكم الكريم عن موضوع شائك ومن الأهمية بمكان عنيت به الإندماج والمواطنة والحفاظ على الهوية.
وسميت محاضرتي
(محاولة اندماج لجماعة قلقة لم يقيض لها اندماج في أوطانها منذ فجر الاسلام)
وللإمانة فإن الشيخ محمد مهدي شمس الدين طاب ثراه هو من أول من أثار هذا الأمر ومن المنظرين له وهو صاحب دعوة اندماج الشيعة في أماكن انتشارهم على رقعة العالم العربي والاسلامي والعالم.
الإندماج في الاوطان والمجتمعات وصيرورته مواطناً على نوعين:
• الاندماج القسري
• والاندماج الطوعي
ظلم الانسان
لقد حدثت في التاريخ القريب أكبر عملية اندماج قسري للبشر وفي هذه البلاد بالتحديد.
يقول المؤرخون ... إن عمليات نقل العبيد التي حدثت من على شواطئ مالي والصومال والحبشة وبلاد النوبة كان جلَّهم عبيد من المسلمين الافارقة.
وصلت نسبتهم خمسة عشر ضعف الاسياد فوصل عديدهم الى الخمسماية ألف عبد مقابل ثلاثون ألف سيد أبيض.
ويذكر المتتبعون لمجريات تلك الحقبة أنه عندما كانت سفن الرقيق ترسو على شوطئ أفريقيا لصيد ونقل العبيد أو لشرائهم من بني جلدتهم كان رجال الدين هناك يوقعون بإنفسهم في الأسر لينقلوا طواعية الى حيث اختفى أخوانهم في الدين، لإجل أن يكونوا معهم وكي لا ينقطعوا عن تعاليم دينهم وإقامة شعائرهم في الأسر والعبودية، وعدم فقدانهم لدينهم مع فقدهم لحريتهم.
وهكذا كان.
وللعلم والمعرفة والاطلاع. فقد قامت بعد مدة من الزمن في أمريكا الجنوبية في البرازيل في مقاطعة بهيا bahia بالدقة، أول دولة في الأسر إن جاز التعبير. إذ انتفض أولئك العبيد وتمردوا على مستعبيدهم وحرروا أنفسهم، منشئين أول دولة إسلامية بكل ما للكلمة من معنى، ودام حكمها ثلاثة عشر سنة. إلى أن جمع لهم البيض " الاسياد " قوة من خليط المستعمرين قضت على الحلم وأزالت الدولة وأعادت من بقي منهم إلى ذل العبودية والأسر. وما السود اليوم في هذه القارة الا أبناء اولئك، وقد زال عنهم الاسلام برغم جهودٍ للحيلولة دون ذلك من قبل فقهائهم انذاك.
هذه عينة من النموذج الاول عنيت به الاندماج القسري.
التهجير لا الهجرة
يوم قررت مجاميع من المسلمين من سكان الدول العربية والاسلامية ان تلجأ الى بلاد غير بلادها، بعيدا عن مهبط الوحي والتنزيل ومعراج النبي وموطئ أقدام الطاهرين وبلاد الانبياء والاولياء والقديسين هرباً وفراراً بدينهم وأنفسهم يوم أعيتهم الحيلة في حياة كريمة في تلك الربوع العزيزة عليهم. ويمموا وجوههم شطر أرض الله فهاجروا فيها لمّا استضعفوا، وتفرقت بهم السبل ووصل من وصل منهم الى هذه البلاد وغيرها واستقروا فيها في هجرات متتالية منذ بديات القرن الماضي، متخذين منها أوطانا لهم، وها هي أجيالهم اليوم تحاول أن تندمج في المجتمعات التي حلوا فيها طبيعيا، فمنهم من فعل ذلك محافظاً على بعض تقاليد، ومنهم من تخلى عن الدين كعقبة من أجل ذلك ومضى في حياته. وها هي هجرات مكثفة حدثت مؤخرأ وهي تحاول أن تجد لها مكانها.
هذا النموذج الثاني الاندماج الطوعي.
مزاعم لا تشبه وقعها
بما أن الدين الاسلامي بحسب زعمنا وتقريبنا إياه للآخرين على أنه دين وحياة، وبحسب زعمنا أننا أبناء الدليل حيثما مال نميل، وأن هذه المزاعم تستند إلى أدلة قرائنية أو نبوية أو من معصوم من المعصومين. وأن هؤلاء وحدهم أصحاب التشريع والأدلاء على التنزيل.
وانطلاقاً من قول الله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {الحجرات/13}.
وأن الدين ليس دين مساجد وحسينيات وعلاقة بين العبد وربه فحسب. وأن المسلم فيه كائن إجتماعي محرك متفاعل في محيطه يؤثر ويتأثر فيه.
وبما أنّا لسنا أصحاب مذهب ودين لاينفك عن محيطه لا فصل فيه للدين عن السياسة.
وأنَّا اصحاب مشروع دولة كريمة يعز بها الاسلام وأهله ويذل بها النفاق وأهله ويجعلُنا فيها من القادة إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، وبالتي هي أحسن، وبالأخلاق الحميدة أيضا لا الفظة الغليظة فينفضوا من حولنا وينفروا منّا.
بل إننا من الذين أدَّبهم ورَّباهم الامام جعفر الصادق عليه السلام وقال لهم: كونوا زينا لنا، وكونوا لنا دعاة صامتين. بغير ألسنتكم ولا أسلحتكم بل بأخلاقكم.
فبناء على ما تقدم ومن هنا ومن هذا المنطلق وعلى هذا الأساس لابد لنا من استراتيجية ممنهجة للإندماج في هذا النسيج العالمي والخليط الآدمي غير المتجانس. فلابد لنا حينئذ من فقه يرعى هذه العملية، ويرتب لنا علاقاتنا مع هؤلاء البشر.
إن الله سبحانه وضع لنا حجر الاساس ورسم لنا معالم الطريق في هذا الحقل والمضمار من خلال مفهوم "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"، وترك للفقهاء أن يعملوا على التفاصيل.
إننا وانطلاقاً من كوننا الاسلام بكل عظمته، وهو أمانة الله ورسوله وأهل بيته فينا، وظيفتنا نشره تطبيقه الإهتمام به والسهر على تأديته ناصعاً كما وصلنا ولا نسبب بتلطيخه بأي عار أو بقعة داكنة. هو تنظيمنا، حزبنا العظيم، صنيعة الله لنا وضعه رب العباد ليسوس به بأحسن نَظْم مصالح العباد.
وصرنا نحن بطريقة أو باخرى الأمناء عليه فتأمل...... والجدير بنا فعله أن لا نحول الدين من خدمة المجتمع الى مواجهة.
أي أن لا نكون علماء السَؤْ وقيمي السَؤْ على الاسلام لا سمح الله والمنتحلين والمدعين زوراً وقهراً الوصاية على الاسلام وأننا من يضع الاسلام " بسؤ نية" في مواجهة الأمم والحضارات الاخرى مما يعرضه لخطر كبير.
وإني إذ ذكرت الاسلام فاني لا أعني به مجرد قِيَمِهِ ونُظُمِهِ فحسب بل جمهوَرَه وما يمثله من تجسيد لذلك الدين.
نتائج قيمي السوء
يوم زج بالاسلام في المواجهة باعتبار أن الحكام المسلمين ودعاة الدين يتحركون بناء على أوامر الاسلام ووفق شريعته كانت تلك النظرة السوداء على الدين العظيم إذ وجدوه قزماً ليس كما يدعي رساليوه.
فها هو الغربي عموما يرى العربي والمسلم وزعيمه يقامر يخامر ويعاقر ويزني ويفجر ويفجّر ، ويتآمر معه على الوقيعة ببني جلدته فأي صورة شفافة وحيادية عن هذا الدين المدعى بأنه أشرف وأنقى وأطهر.
نحن لا نبحث عن موقع لنا لا في السلطة ولا في غيرها، لسنا دعاة عنف أو تطرف أو انفصال أو عصبية بل إننا ندعو أن نكون أبناء بيئتنا وموطأ أقدامنا.
إذ قال لنا بالامس القريب ولا يزال يلح علينا بالقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: " الفقر في الوطن غربة والغنى في الغربة وطن" . أوطاننا التي تحملنا وتتحملنا ولا تهجرنا وتنؤ بنا.
سر ضياع الفرص
الحل لا يكون بالإندماج كإثنيات عرقية صغيرة، عراقيين لبنانين باكستانين إيرانين وغيرهم بل الى مواطنين مسلمين أمريكيين لهم ارتباط وتفاعل مع المحيط ومع كل ماهو مسلم. ولنا ارتباطنا الوثيق الذي لا تفصم عراه مع مراجعنا وجزء لا يتجزأ من كيان الاسلام. لا جزراً في محيط متلاطم.
أن هذا الطرح يأتي بعد أن أصبحنا كذلك، كل في مؤسسته وجماعته أمة قائمة بذاتها لها استقلاليتها التامة وتحافظ ولو بالشكل على الوحدة والارتباط بالجماعة.
إن هذا عنصر ضعف ومؤشر خطر اذا ما استمرينا على هذا الحال وسرنا عليه، لأننا بذلك نصبح مشروعاً سهلاً للإستغلال ووضع اليد.
لسنا أقلية نحن أكثرية في العالم، كِتلٌ يتموضع جزء منها في هذه البقعة من الارض، لقد أصبحنا جزء منها، ففي ظل قانونها الذي يحمي الكبير والصغير إننا قوة وكثرة وإن كنا قلة.
**** هنا أود ان أشير أنه صدر مؤخرا هذا العام عن اللوبي الصهيوني دليل لمؤيديه ومناصريه حمل عنوان : قاموس للغة عالمية يحدد لهم بالدقة و التفصيل ما الكلمات التي يجب ان تستعمل في الدفاع عن كيانهم في شتى الحقول. في مجازر غزة ملف ايران حزب الله لبنان وغيرها...
لأنا إن شعرنا أننا قلة وتشرذمنا حملنا بذرة فنائنا في داخلنا كالمشروع " الاستقلالي الاول في البرازيل" وبالتالي سهل قيادنا والسيطرة علينا، نشعر بأننا بحاجة الى الحماية، والحماية لها ضريبتها وثمنها الباهظ، هو فقد للحرية.
شاءت العناية الالهية أن نكون في هذه البلاد فإذا أراد الله أمراً هيأ أسبابه. وربما نحن من تلك الأسباب التي هيئها الله لأمر ما عظيم.
اسباب واهية للتشرذم
وإلى أولئك المسكونين بنظرية المؤامرة ولهم أسبابهم ودعواهم التي تقول:
أن الاستعمار هو الذي فرقنا دولاً وقوميات وإثنيات ومذاهب ووضع بيننا الحدود المصطنعة والاسلاك الشائكة، ومزقنا كيانات متناحرة تخشى بعضها البعض، وصيرتنا مدافعين فقط عن الانتماء الصغير بدلا من الوطن الكبير، نتعاطف إن سمح لنا مع هموم إخواننا.
برغم القواسم المشتركة الكبيرة والكثيرة فيما بيننا، وأعانهم على ذلك حكام مأجورين. ولن أطيل الشرح في هذا المقام.
هذه المؤامرة صنعها الاستعمار فتماهينا معها وعشناها قسراً كما كان يبرر لها.
نقول لهم ما بالنا أولسنا اليوم في أمريكا" وهي واحدة ممن توجه إليها أصابع الاتهام على أنها من صنع شرخ بيننا. أولسنا هنا وحللنا فيها وتجازونا الحواجز والحدود وغرف الجمارك والفيز وتأشيرة الدخول، بين مسلمي لبنان والعراق و مسلمي ايران و الباكستان واليمن و ..و..وغيرهم وبين مسيحيهم وباقي طوائفهم.
ليس بيننا حكامنا ورؤساؤنا وملوكنا المأجورين وها نحن خارج قوة جذبهم وتأثير سلطانهم، وسطوة ملكهم.
السؤال لماذا نأتي بتلك الحدود ونصطنعها فيما بيننا بعد أن تخلصنا منها وندعي أنها كانت تمزقنا وسببا لتخلفنا وتمنع من تلاقينا وتوحدنا.
الحدود المصطنعة التي أعني بها هي تلك مقولة الحفاظ على القومية المزعومة أبدأ بنفسي اللبنانية والعراقية والايرانية والباكستانية واليمنية و و الخ
ها نحن هنا مجردين عن القوميات فلنستصحب يا أهل الفقاهة في حالة الشك هذه والتذبذب في الأنتماء. وحالة الاستصحاب في مثل حالنا هي هويتنا الاسلامية إننا مواطنون مسلمون هنا.
اذا كنا قد جئنا من الشرق نحمل غثْنَا وَسَمْينَنَا معنا فلن نفلح.
اذا أردنا ان نمارس ما مورس علينا من تقطيع أوصال وشرذمة لن نفلح.
فرصة
هذه فرصتنا المواتية ونحن زبدة المجتمع الاسلامي، بأن نوحد المسلمين الذين لم توحدهم لا العروبة ولا القضايا المصيرية الكبرى في بلادهم ولم يوحدهم الاسلام ولا المؤامرة ولا الأحزاب العقائدية الدينية المتطرف منها والمتسامح، ها هي ذي فرصتنا لنتوحد في بلاد لا تحدنا فيها حدود مصطنعة أو حواجز أو معيقات فلنستفد من التجربة الغربية والامريكية تحديدا من وجهة صحيحة.
لنتوحد كما توحدوا وهذه مقولتي للعام الثاني حيث أشرت الى هذا الأمر في مؤتمركم للعام المنصرم. وأنتم تعلمون جيدا كيف أنشأت هذه البلاد.
للتذكير فقط
لقد جاء شذاذ الافاق المجرمون المبعدون والمضطهدون من أوروبا، وكان أول من سكنها، وأن هؤلاء المشتتين المقسمين المنبوذين أسسوا أعظم دولة بعرف الدنيا وأعظم حرية ينظر إلى نموذجها على كونه الخلاص والبلسم الشافي لشعوب الارض والحلم المنشود.
محققين ما نظر له جون ونثروب وهو أحد الاباء المؤسسين (الصوافي) puritans وهو ما يزال على ظهر السفينة التي أقلته ألى العالم الجديد عام 1640 حيث قال:"فلتكن مدينتا كمدينة على تلة"...a city on a hill وعنى بها أن تكون رمزا لكل ما حسن.
هم توحدوا على تشتتهم وعلى فساد جزء من ما يحملوه من عقايد، وصار لهم ما أرادوا، وللعلم جون ونثروب مطلع تماما على تعاليم الاسلام، واستقى منه لبلده، وقد صنعوا وخلال مدة وجيزة أكبر وأقوى دولة أقتصادية وعسكرية ومكانة. ونحن نحمل كل عناصر الوحدة، نحمل أسفاراً، لكن مع الاسف مشتتين.
فلقد بات العالم اليوم لا يقلي بيضة إذا لم توقد تحتها نارٌ أمريكية أو تشوى بنارها ...
لن أطيل وفهمكم كفاية.
فلماذا نستحضر كل الحدود و الحواجز المصطنعة من شرقنا التعس ونقيمها فيما بيننا طواعية.
فلنصبح مسلمين أمريكيين مواطنين بكل معنى الكلمة نؤسس لذلك ونعمل له، وفي سبيل تحقيقه، من خلال عمل جاد.
وإلا ذاب الاسلام وصهرتنا أمريكا تحت شمسها التي تصهر "وإن طال الامد" الاثنيات والعرقيات ولا تبقي ولا تذر، ننأى بأنفسنا ألى الاسلام نحتمي فيه كمواطنين مسلمين أمريكيين، بما له من مزيا الاسلام العظيم، وما يعطينا من مناعة وقابلية للتكيف وقدوة على البقاء.
إذا أردنا أن تسطع شمس الإسلام من هنا من الغرب ويبقى لشمسه سطوع فلندع غَثَنَا في شرقنا ونأخذ السمين من هنا وهناك.
الإسلام الصافي الذي قَمَعَتْ وَحَدّتْ من طموحه الأسلاك، وَعَطْلَتْهُ الحُدود يَومَ عُطْلَتْ الحدود، وراح يصغر ويذوي يوم ارتحل رجاله وابتلي بأشباه رجال يدّعون إمرة المسلمين.
فرصتنا مواتية فلا تضيع.
ها نحن كما نقول أننا النخبة نجتمع هنا.
من يتحمل المسؤلية
يفترض بنا اليوم أيها السادة أننا لسنا هنا في"شمة هوا أو نزهة أم ماذا" ؟ سؤال برسمنا جميعا؟. بل يفترض أنّا جديين ومعنيين تماماً وأكثر من ذلك بتوفير مناخات إيجابية لاندماج ومواطنة أفضل.
فلنقرر الصواب بتوصيات للأجيال نخطوا خطوات جادة أمام مصهر نسميه اليوم الاندماج والمواطنة. وغداً لا سمح الله عندما يذوب الأبناء في هذا المجتمع وهم ينظرون نحونا ونحو الشرق وإسلامه وما يرون من ضياع للحقوق وتشرذم وتمزق وتقاتل ومؤامرات سيعزون الاشياء الى أسباب وهم أبناء العلم والدليل والبرهان سيخلصون الى نتيجة مفادها أن الإسلام هو السبب. وإلا ما بال أقوام وضع بين أيديهم أشرف دين وأعظم شرعة، ولديهم من العلماء والعظماء، وآيات الله ما شاء الله، وهم على ما عليه من سوء الحال والمآل. وحتى لا نكون قد طبقنا التجربة والنموذج الأول من الاندماج يوم أحاط المسلمون الأُوَل أنفسهم بسياج واستعدوا مستعبديهم ونأوا بأنفسِهم عنهم إذ كان حريٌ بهم أن يجرّوا أسيادهم إلى الاسلام كما فعل أسلاف لنا يوم روّضوا بالاسلام أعتى وحش ضارٍ عنيت المغول فصيروهم مسلمين.
ها هي الحدود انفتحت من أمامنا وها نحن وجها لوجه دون خوف أو حذر دون أجهزة أمن عربية أو أسلامية أو غيرها دون أسلاك شائكةٍ وتأشيرة دخول، فلا نكون نحن تلك الحدود المصطنعة نتمترس كل خلف جماعته، يلوذ بهم يحلبهم له صوافٍ، هؤلاء لبنانين وعراقيين يمنيين سوريين باكستانين إيرانين في كل ولاية يتكرر المشهد.
وفي الوقت عينه أبناؤنا ينسلون من بين أصابع قبضاتنا التي باتت تتراخى يوما بعد يوم، تبتلعهم أمريكا بثقافتها تهزأ منّا قائلة لقد هزمت ثقافة دينكم ونحن ننظر بعيون وقحة لا سمح الله.
تنبيه
النظرة أيها السادة الكرام إلى رجال الدين لم تعد هي النظرة والمكانة لم تعد هي المكانة، لوجود مدعين وقليلي حياء دين.
أدركوا "أنفسنا" قبل أن نهزم ولا يصبح لعمائمنا وما تمثل حولا ولا طول ولا قوة.
نصبح في نظر الناس حملاً ثقيلاً مزعجاً نأخذ منهم أخماساً وأسداساً وأعشاراً ونحرّم عليهم عيشهم ونسود ليلهم مع نهارِهِم فينتفضون علينا. ونحن بدورنا لا نقدم لهم أموراً فوق مقدورهم فلقد صار فيهم من هو أفقه من بعض المعممين ومتكلم أبلغ من الكثير منا، ويستعينوا علينا " بآية الله غوغل بنقرة زر يعطيه كل جواب لكل سؤال" بدون منّة ولا يسألهم عليه أجر.
ربما كلامي كان ثقيلا بعض الشئ وانتقادي لعله لاذعاً، فلننقد أنفسنا وخطواتِنا أخف وطئةً من أن ينتقدنا الأخر. غير أني أستشرف مستقبلا غير واعد وفق التجربة المعاشة ومن الواقع الملموس فقد بدأت حركة احتجاجات وانتقادات وظاهرة تململ تظهر وتطفوا، وبالطبع يا أصحاب السماحة أنتم مدركين تماماً وواعين لما أنبه الى خطورته وأدلل عليه رغم قسوته بعض الشئ.
فرصة للإسلام أن يتوحد ويعطي أنبل صورة ويكشف عن جوهره ويقول لمن في الشرق من المسلمين هذا هو إسلامكم المنشود انظروا إلى التجربة. فلا تضِيعَنَّ الفرصة من بين أيديكم.
ها هنا المحك إذا رحنا في كل عام نجتمع ونقرر ونوصي ونرجع من حيث أتينا ونتفرق أيدي سبأ، وتبقى كل مقررتنا وتوصياتنا حبرا ًعلى ورق، فأنتم أدرى الناس بالفقه والشرع وتعرفون تمام معنى قول الله عز وجل " كبر مقتاً عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون" صدق الله العلي العظيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي... ولكم.
وقبل الختام بعض توصيات
السيد مهدي الامين
جورجيا 82 شوال 1430
17- 10 -2009
توصيات
لذا إنني أوصي
1- إعادة التأهيل لأنفسنا أولا ولمن يلوذ بنا رجال دين ومؤسسات على مدى رقعة الانتشار لنكون أهلا لهذا الاندماج إذا ما دعونا اليه. من خلال وضع تصور صحيح للمرحلة القادمة، وتحمل مسؤلياتنا الشرعية والاخلاقية أمام الناس والله.
2- العمل على وضع دراسة تصورية إستكمالا لهذا المؤتمر والجميع يضع تصوره لهذا الوضع القديم الجديد ينبثق عنها نظام عمل جاد لوضع مسلمي امريكا على خطى المواطنة الحقة.
3- أن لا نشعر ونتصرف على أننا حالة مذهبية، بل نحن كيان عظيم أصحاب دين كبير ومهم جدا في تركيبة الدنيا وننتمي إليه مدعما بإعظم دولة، لا جزر في بحر متلاطم تصارع وحدها. ولا طيورا تغرد خارج سربها.
4- ان نندمج اندماجا حقيقيا في المجتمعات وان نصبح جزء من نسيجها الاجتماعي ولا نذوب فيها كمسلمين بل نتمايز ونسمو بذلك عن الاخرين.
5- تعزيز الشعور لدى مسلمي هذه البلاد بان وجودهم حول العالم لحكمة الله ارادها من هجرتنا كهجرة الرسول ص من مكة الى ارض الخصب التي نما الاسلام فيها وترعرع.
6- الطلب من المراجع العظام بالنظر الينا انطلاقا من مفهوم الاندماج والمواطنة بأن يؤسس لفقه جديد لنا بعقلية قانون وأعراف هذه البلاد، تراعى فيه الضرورات وتحدد الخيارات. ذو معايير إسلامية أمريكية بلحاظ القانون الوضعي، تفرد لنا فيه عناية خاصة. لا فقه مغتربين فحسب.
7- التشديد على تربية الاولاد كابناء هذه البلاد مسلمين فيها لا غرباء ينتمون الى البعيد يحلمون بالبعيد يعيشون ازدواج الشخصية في الانتماء ( هل هو مواطن هل هذه حقا بلده هل هي عدوته يسالمها يعاديها يبقى فيها ام يهجرها والف سؤال من هذا القبيل).
8- تدعيم التعاون والتواصل فيما بيننا رجال دين ومؤسسات. وان لا نتشرذم تحت اي شعار، وان لا نكون سببا من اسبابها، فانها تودي بنا ان نصبح شيعا وقبائل.
9- انشاء لوبي إسلامي لحماية ومساعدة المسلمين الامريكيين والشرقيين.
10- ان لا تخضعنا الضرورات لفقد القرار فنصبح تبعا.
11- وضع تصور عام من قبل الجميع لقانون لنظام يوحدنا كمسلمين اولا ويحمينا ويؤمن الاندماج الطبيعي ويسهل المواطنة ويحمي الهوية الدينية المقدسة.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الصادق الأمين وعلى أمير المؤمنين قائد الغر المحجلين
وعلى الذرية الطاهرة من الائمة الهادين المهدين
والسلام على حجة الله في الأرضين صاحب العصر والزمان روحي له الفدا، الذي سيصله حتمت تقريرا عن مؤتمرنا هذا عسى أن تسر نفسه الشريفة به، ولا يكونَ كدراً عليه ولا نكون ممن يطيل في غيبته لقوله عليه السلام:".. ولو أن أشياعنا وَفَّقهم الله لطاعته على اجتماع القلوب لما تأخر عنهم اليُمن بلقائنا، فما يحبس عنهم مشاهدَتِنَا إلا لما يتصل بنا مما نكرهه".
والسلام على الذين اتبعوهم بإحسان واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أعداء الدين من الأولين والأخرين إلى قيام يوم الدين.
السلام عليكم سادتي أصحاب السماحة والفضيلة العلماء الأجلاء والسادة الحضور ورحمة الله وبركاته.
وبعد،
من دواعي السرور أن أقف بينكم محاضراً في مؤتمركم وجمعكم الكريم عن موضوع شائك ومن الأهمية بمكان عنيت به الإندماج والمواطنة والحفاظ على الهوية.
وسميت محاضرتي
(محاولة اندماج لجماعة قلقة لم يقيض لها اندماج في أوطانها منذ فجر الاسلام)
وللإمانة فإن الشيخ محمد مهدي شمس الدين طاب ثراه هو من أول من أثار هذا الأمر ومن المنظرين له وهو صاحب دعوة اندماج الشيعة في أماكن انتشارهم على رقعة العالم العربي والاسلامي والعالم.
الإندماج في الاوطان والمجتمعات وصيرورته مواطناً على نوعين:
• الاندماج القسري
• والاندماج الطوعي
ظلم الانسان
لقد حدثت في التاريخ القريب أكبر عملية اندماج قسري للبشر وفي هذه البلاد بالتحديد.
يقول المؤرخون ... إن عمليات نقل العبيد التي حدثت من على شواطئ مالي والصومال والحبشة وبلاد النوبة كان جلَّهم عبيد من المسلمين الافارقة.
وصلت نسبتهم خمسة عشر ضعف الاسياد فوصل عديدهم الى الخمسماية ألف عبد مقابل ثلاثون ألف سيد أبيض.
ويذكر المتتبعون لمجريات تلك الحقبة أنه عندما كانت سفن الرقيق ترسو على شوطئ أفريقيا لصيد ونقل العبيد أو لشرائهم من بني جلدتهم كان رجال الدين هناك يوقعون بإنفسهم في الأسر لينقلوا طواعية الى حيث اختفى أخوانهم في الدين، لإجل أن يكونوا معهم وكي لا ينقطعوا عن تعاليم دينهم وإقامة شعائرهم في الأسر والعبودية، وعدم فقدانهم لدينهم مع فقدهم لحريتهم.
وهكذا كان.
وللعلم والمعرفة والاطلاع. فقد قامت بعد مدة من الزمن في أمريكا الجنوبية في البرازيل في مقاطعة بهيا bahia بالدقة، أول دولة في الأسر إن جاز التعبير. إذ انتفض أولئك العبيد وتمردوا على مستعبيدهم وحرروا أنفسهم، منشئين أول دولة إسلامية بكل ما للكلمة من معنى، ودام حكمها ثلاثة عشر سنة. إلى أن جمع لهم البيض " الاسياد " قوة من خليط المستعمرين قضت على الحلم وأزالت الدولة وأعادت من بقي منهم إلى ذل العبودية والأسر. وما السود اليوم في هذه القارة الا أبناء اولئك، وقد زال عنهم الاسلام برغم جهودٍ للحيلولة دون ذلك من قبل فقهائهم انذاك.
هذه عينة من النموذج الاول عنيت به الاندماج القسري.
التهجير لا الهجرة
يوم قررت مجاميع من المسلمين من سكان الدول العربية والاسلامية ان تلجأ الى بلاد غير بلادها، بعيدا عن مهبط الوحي والتنزيل ومعراج النبي وموطئ أقدام الطاهرين وبلاد الانبياء والاولياء والقديسين هرباً وفراراً بدينهم وأنفسهم يوم أعيتهم الحيلة في حياة كريمة في تلك الربوع العزيزة عليهم. ويمموا وجوههم شطر أرض الله فهاجروا فيها لمّا استضعفوا، وتفرقت بهم السبل ووصل من وصل منهم الى هذه البلاد وغيرها واستقروا فيها في هجرات متتالية منذ بديات القرن الماضي، متخذين منها أوطانا لهم، وها هي أجيالهم اليوم تحاول أن تندمج في المجتمعات التي حلوا فيها طبيعيا، فمنهم من فعل ذلك محافظاً على بعض تقاليد، ومنهم من تخلى عن الدين كعقبة من أجل ذلك ومضى في حياته. وها هي هجرات مكثفة حدثت مؤخرأ وهي تحاول أن تجد لها مكانها.
هذا النموذج الثاني الاندماج الطوعي.
مزاعم لا تشبه وقعها
بما أن الدين الاسلامي بحسب زعمنا وتقريبنا إياه للآخرين على أنه دين وحياة، وبحسب زعمنا أننا أبناء الدليل حيثما مال نميل، وأن هذه المزاعم تستند إلى أدلة قرائنية أو نبوية أو من معصوم من المعصومين. وأن هؤلاء وحدهم أصحاب التشريع والأدلاء على التنزيل.
وانطلاقاً من قول الله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {الحجرات/13}.
وأن الدين ليس دين مساجد وحسينيات وعلاقة بين العبد وربه فحسب. وأن المسلم فيه كائن إجتماعي محرك متفاعل في محيطه يؤثر ويتأثر فيه.
وبما أنّا لسنا أصحاب مذهب ودين لاينفك عن محيطه لا فصل فيه للدين عن السياسة.
وأنَّا اصحاب مشروع دولة كريمة يعز بها الاسلام وأهله ويذل بها النفاق وأهله ويجعلُنا فيها من القادة إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، وبالتي هي أحسن، وبالأخلاق الحميدة أيضا لا الفظة الغليظة فينفضوا من حولنا وينفروا منّا.
بل إننا من الذين أدَّبهم ورَّباهم الامام جعفر الصادق عليه السلام وقال لهم: كونوا زينا لنا، وكونوا لنا دعاة صامتين. بغير ألسنتكم ولا أسلحتكم بل بأخلاقكم.
فبناء على ما تقدم ومن هنا ومن هذا المنطلق وعلى هذا الأساس لابد لنا من استراتيجية ممنهجة للإندماج في هذا النسيج العالمي والخليط الآدمي غير المتجانس. فلابد لنا حينئذ من فقه يرعى هذه العملية، ويرتب لنا علاقاتنا مع هؤلاء البشر.
إن الله سبحانه وضع لنا حجر الاساس ورسم لنا معالم الطريق في هذا الحقل والمضمار من خلال مفهوم "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"، وترك للفقهاء أن يعملوا على التفاصيل.
إننا وانطلاقاً من كوننا الاسلام بكل عظمته، وهو أمانة الله ورسوله وأهل بيته فينا، وظيفتنا نشره تطبيقه الإهتمام به والسهر على تأديته ناصعاً كما وصلنا ولا نسبب بتلطيخه بأي عار أو بقعة داكنة. هو تنظيمنا، حزبنا العظيم، صنيعة الله لنا وضعه رب العباد ليسوس به بأحسن نَظْم مصالح العباد.
وصرنا نحن بطريقة أو باخرى الأمناء عليه فتأمل...... والجدير بنا فعله أن لا نحول الدين من خدمة المجتمع الى مواجهة.
أي أن لا نكون علماء السَؤْ وقيمي السَؤْ على الاسلام لا سمح الله والمنتحلين والمدعين زوراً وقهراً الوصاية على الاسلام وأننا من يضع الاسلام " بسؤ نية" في مواجهة الأمم والحضارات الاخرى مما يعرضه لخطر كبير.
وإني إذ ذكرت الاسلام فاني لا أعني به مجرد قِيَمِهِ ونُظُمِهِ فحسب بل جمهوَرَه وما يمثله من تجسيد لذلك الدين.
نتائج قيمي السوء
يوم زج بالاسلام في المواجهة باعتبار أن الحكام المسلمين ودعاة الدين يتحركون بناء على أوامر الاسلام ووفق شريعته كانت تلك النظرة السوداء على الدين العظيم إذ وجدوه قزماً ليس كما يدعي رساليوه.
فها هو الغربي عموما يرى العربي والمسلم وزعيمه يقامر يخامر ويعاقر ويزني ويفجر ويفجّر ، ويتآمر معه على الوقيعة ببني جلدته فأي صورة شفافة وحيادية عن هذا الدين المدعى بأنه أشرف وأنقى وأطهر.
نحن لا نبحث عن موقع لنا لا في السلطة ولا في غيرها، لسنا دعاة عنف أو تطرف أو انفصال أو عصبية بل إننا ندعو أن نكون أبناء بيئتنا وموطأ أقدامنا.
إذ قال لنا بالامس القريب ولا يزال يلح علينا بالقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: " الفقر في الوطن غربة والغنى في الغربة وطن" . أوطاننا التي تحملنا وتتحملنا ولا تهجرنا وتنؤ بنا.
سر ضياع الفرص
الحل لا يكون بالإندماج كإثنيات عرقية صغيرة، عراقيين لبنانين باكستانين إيرانين وغيرهم بل الى مواطنين مسلمين أمريكيين لهم ارتباط وتفاعل مع المحيط ومع كل ماهو مسلم. ولنا ارتباطنا الوثيق الذي لا تفصم عراه مع مراجعنا وجزء لا يتجزأ من كيان الاسلام. لا جزراً في محيط متلاطم.
أن هذا الطرح يأتي بعد أن أصبحنا كذلك، كل في مؤسسته وجماعته أمة قائمة بذاتها لها استقلاليتها التامة وتحافظ ولو بالشكل على الوحدة والارتباط بالجماعة.
إن هذا عنصر ضعف ومؤشر خطر اذا ما استمرينا على هذا الحال وسرنا عليه، لأننا بذلك نصبح مشروعاً سهلاً للإستغلال ووضع اليد.
لسنا أقلية نحن أكثرية في العالم، كِتلٌ يتموضع جزء منها في هذه البقعة من الارض، لقد أصبحنا جزء منها، ففي ظل قانونها الذي يحمي الكبير والصغير إننا قوة وكثرة وإن كنا قلة.
**** هنا أود ان أشير أنه صدر مؤخرا هذا العام عن اللوبي الصهيوني دليل لمؤيديه ومناصريه حمل عنوان : قاموس للغة عالمية يحدد لهم بالدقة و التفصيل ما الكلمات التي يجب ان تستعمل في الدفاع عن كيانهم في شتى الحقول. في مجازر غزة ملف ايران حزب الله لبنان وغيرها...
لأنا إن شعرنا أننا قلة وتشرذمنا حملنا بذرة فنائنا في داخلنا كالمشروع " الاستقلالي الاول في البرازيل" وبالتالي سهل قيادنا والسيطرة علينا، نشعر بأننا بحاجة الى الحماية، والحماية لها ضريبتها وثمنها الباهظ، هو فقد للحرية.
شاءت العناية الالهية أن نكون في هذه البلاد فإذا أراد الله أمراً هيأ أسبابه. وربما نحن من تلك الأسباب التي هيئها الله لأمر ما عظيم.
اسباب واهية للتشرذم
وإلى أولئك المسكونين بنظرية المؤامرة ولهم أسبابهم ودعواهم التي تقول:
أن الاستعمار هو الذي فرقنا دولاً وقوميات وإثنيات ومذاهب ووضع بيننا الحدود المصطنعة والاسلاك الشائكة، ومزقنا كيانات متناحرة تخشى بعضها البعض، وصيرتنا مدافعين فقط عن الانتماء الصغير بدلا من الوطن الكبير، نتعاطف إن سمح لنا مع هموم إخواننا.
برغم القواسم المشتركة الكبيرة والكثيرة فيما بيننا، وأعانهم على ذلك حكام مأجورين. ولن أطيل الشرح في هذا المقام.
هذه المؤامرة صنعها الاستعمار فتماهينا معها وعشناها قسراً كما كان يبرر لها.
نقول لهم ما بالنا أولسنا اليوم في أمريكا" وهي واحدة ممن توجه إليها أصابع الاتهام على أنها من صنع شرخ بيننا. أولسنا هنا وحللنا فيها وتجازونا الحواجز والحدود وغرف الجمارك والفيز وتأشيرة الدخول، بين مسلمي لبنان والعراق و مسلمي ايران و الباكستان واليمن و ..و..وغيرهم وبين مسيحيهم وباقي طوائفهم.
ليس بيننا حكامنا ورؤساؤنا وملوكنا المأجورين وها نحن خارج قوة جذبهم وتأثير سلطانهم، وسطوة ملكهم.
السؤال لماذا نأتي بتلك الحدود ونصطنعها فيما بيننا بعد أن تخلصنا منها وندعي أنها كانت تمزقنا وسببا لتخلفنا وتمنع من تلاقينا وتوحدنا.
الحدود المصطنعة التي أعني بها هي تلك مقولة الحفاظ على القومية المزعومة أبدأ بنفسي اللبنانية والعراقية والايرانية والباكستانية واليمنية و و الخ
ها نحن هنا مجردين عن القوميات فلنستصحب يا أهل الفقاهة في حالة الشك هذه والتذبذب في الأنتماء. وحالة الاستصحاب في مثل حالنا هي هويتنا الاسلامية إننا مواطنون مسلمون هنا.
اذا كنا قد جئنا من الشرق نحمل غثْنَا وَسَمْينَنَا معنا فلن نفلح.
اذا أردنا ان نمارس ما مورس علينا من تقطيع أوصال وشرذمة لن نفلح.
فرصة
هذه فرصتنا المواتية ونحن زبدة المجتمع الاسلامي، بأن نوحد المسلمين الذين لم توحدهم لا العروبة ولا القضايا المصيرية الكبرى في بلادهم ولم يوحدهم الاسلام ولا المؤامرة ولا الأحزاب العقائدية الدينية المتطرف منها والمتسامح، ها هي ذي فرصتنا لنتوحد في بلاد لا تحدنا فيها حدود مصطنعة أو حواجز أو معيقات فلنستفد من التجربة الغربية والامريكية تحديدا من وجهة صحيحة.
لنتوحد كما توحدوا وهذه مقولتي للعام الثاني حيث أشرت الى هذا الأمر في مؤتمركم للعام المنصرم. وأنتم تعلمون جيدا كيف أنشأت هذه البلاد.
للتذكير فقط
لقد جاء شذاذ الافاق المجرمون المبعدون والمضطهدون من أوروبا، وكان أول من سكنها، وأن هؤلاء المشتتين المقسمين المنبوذين أسسوا أعظم دولة بعرف الدنيا وأعظم حرية ينظر إلى نموذجها على كونه الخلاص والبلسم الشافي لشعوب الارض والحلم المنشود.
محققين ما نظر له جون ونثروب وهو أحد الاباء المؤسسين (الصوافي) puritans وهو ما يزال على ظهر السفينة التي أقلته ألى العالم الجديد عام 1640 حيث قال:"فلتكن مدينتا كمدينة على تلة"...a city on a hill وعنى بها أن تكون رمزا لكل ما حسن.
هم توحدوا على تشتتهم وعلى فساد جزء من ما يحملوه من عقايد، وصار لهم ما أرادوا، وللعلم جون ونثروب مطلع تماما على تعاليم الاسلام، واستقى منه لبلده، وقد صنعوا وخلال مدة وجيزة أكبر وأقوى دولة أقتصادية وعسكرية ومكانة. ونحن نحمل كل عناصر الوحدة، نحمل أسفاراً، لكن مع الاسف مشتتين.
فلقد بات العالم اليوم لا يقلي بيضة إذا لم توقد تحتها نارٌ أمريكية أو تشوى بنارها ...
لن أطيل وفهمكم كفاية.
فلماذا نستحضر كل الحدود و الحواجز المصطنعة من شرقنا التعس ونقيمها فيما بيننا طواعية.
فلنصبح مسلمين أمريكيين مواطنين بكل معنى الكلمة نؤسس لذلك ونعمل له، وفي سبيل تحقيقه، من خلال عمل جاد.
وإلا ذاب الاسلام وصهرتنا أمريكا تحت شمسها التي تصهر "وإن طال الامد" الاثنيات والعرقيات ولا تبقي ولا تذر، ننأى بأنفسنا ألى الاسلام نحتمي فيه كمواطنين مسلمين أمريكيين، بما له من مزيا الاسلام العظيم، وما يعطينا من مناعة وقابلية للتكيف وقدوة على البقاء.
إذا أردنا أن تسطع شمس الإسلام من هنا من الغرب ويبقى لشمسه سطوع فلندع غَثَنَا في شرقنا ونأخذ السمين من هنا وهناك.
الإسلام الصافي الذي قَمَعَتْ وَحَدّتْ من طموحه الأسلاك، وَعَطْلَتْهُ الحُدود يَومَ عُطْلَتْ الحدود، وراح يصغر ويذوي يوم ارتحل رجاله وابتلي بأشباه رجال يدّعون إمرة المسلمين.
فرصتنا مواتية فلا تضيع.
ها نحن كما نقول أننا النخبة نجتمع هنا.
من يتحمل المسؤلية
يفترض بنا اليوم أيها السادة أننا لسنا هنا في"شمة هوا أو نزهة أم ماذا" ؟ سؤال برسمنا جميعا؟. بل يفترض أنّا جديين ومعنيين تماماً وأكثر من ذلك بتوفير مناخات إيجابية لاندماج ومواطنة أفضل.
فلنقرر الصواب بتوصيات للأجيال نخطوا خطوات جادة أمام مصهر نسميه اليوم الاندماج والمواطنة. وغداً لا سمح الله عندما يذوب الأبناء في هذا المجتمع وهم ينظرون نحونا ونحو الشرق وإسلامه وما يرون من ضياع للحقوق وتشرذم وتمزق وتقاتل ومؤامرات سيعزون الاشياء الى أسباب وهم أبناء العلم والدليل والبرهان سيخلصون الى نتيجة مفادها أن الإسلام هو السبب. وإلا ما بال أقوام وضع بين أيديهم أشرف دين وأعظم شرعة، ولديهم من العلماء والعظماء، وآيات الله ما شاء الله، وهم على ما عليه من سوء الحال والمآل. وحتى لا نكون قد طبقنا التجربة والنموذج الأول من الاندماج يوم أحاط المسلمون الأُوَل أنفسهم بسياج واستعدوا مستعبديهم ونأوا بأنفسِهم عنهم إذ كان حريٌ بهم أن يجرّوا أسيادهم إلى الاسلام كما فعل أسلاف لنا يوم روّضوا بالاسلام أعتى وحش ضارٍ عنيت المغول فصيروهم مسلمين.
ها هي الحدود انفتحت من أمامنا وها نحن وجها لوجه دون خوف أو حذر دون أجهزة أمن عربية أو أسلامية أو غيرها دون أسلاك شائكةٍ وتأشيرة دخول، فلا نكون نحن تلك الحدود المصطنعة نتمترس كل خلف جماعته، يلوذ بهم يحلبهم له صوافٍ، هؤلاء لبنانين وعراقيين يمنيين سوريين باكستانين إيرانين في كل ولاية يتكرر المشهد.
وفي الوقت عينه أبناؤنا ينسلون من بين أصابع قبضاتنا التي باتت تتراخى يوما بعد يوم، تبتلعهم أمريكا بثقافتها تهزأ منّا قائلة لقد هزمت ثقافة دينكم ونحن ننظر بعيون وقحة لا سمح الله.
تنبيه
النظرة أيها السادة الكرام إلى رجال الدين لم تعد هي النظرة والمكانة لم تعد هي المكانة، لوجود مدعين وقليلي حياء دين.
أدركوا "أنفسنا" قبل أن نهزم ولا يصبح لعمائمنا وما تمثل حولا ولا طول ولا قوة.
نصبح في نظر الناس حملاً ثقيلاً مزعجاً نأخذ منهم أخماساً وأسداساً وأعشاراً ونحرّم عليهم عيشهم ونسود ليلهم مع نهارِهِم فينتفضون علينا. ونحن بدورنا لا نقدم لهم أموراً فوق مقدورهم فلقد صار فيهم من هو أفقه من بعض المعممين ومتكلم أبلغ من الكثير منا، ويستعينوا علينا " بآية الله غوغل بنقرة زر يعطيه كل جواب لكل سؤال" بدون منّة ولا يسألهم عليه أجر.
ربما كلامي كان ثقيلا بعض الشئ وانتقادي لعله لاذعاً، فلننقد أنفسنا وخطواتِنا أخف وطئةً من أن ينتقدنا الأخر. غير أني أستشرف مستقبلا غير واعد وفق التجربة المعاشة ومن الواقع الملموس فقد بدأت حركة احتجاجات وانتقادات وظاهرة تململ تظهر وتطفوا، وبالطبع يا أصحاب السماحة أنتم مدركين تماماً وواعين لما أنبه الى خطورته وأدلل عليه رغم قسوته بعض الشئ.
فرصة للإسلام أن يتوحد ويعطي أنبل صورة ويكشف عن جوهره ويقول لمن في الشرق من المسلمين هذا هو إسلامكم المنشود انظروا إلى التجربة. فلا تضِيعَنَّ الفرصة من بين أيديكم.
ها هنا المحك إذا رحنا في كل عام نجتمع ونقرر ونوصي ونرجع من حيث أتينا ونتفرق أيدي سبأ، وتبقى كل مقررتنا وتوصياتنا حبرا ًعلى ورق، فأنتم أدرى الناس بالفقه والشرع وتعرفون تمام معنى قول الله عز وجل " كبر مقتاً عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون" صدق الله العلي العظيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي... ولكم.
وقبل الختام بعض توصيات
السيد مهدي الامين
جورجيا 82 شوال 1430
17- 10 -2009
توصيات
لذا إنني أوصي
1- إعادة التأهيل لأنفسنا أولا ولمن يلوذ بنا رجال دين ومؤسسات على مدى رقعة الانتشار لنكون أهلا لهذا الاندماج إذا ما دعونا اليه. من خلال وضع تصور صحيح للمرحلة القادمة، وتحمل مسؤلياتنا الشرعية والاخلاقية أمام الناس والله.
2- العمل على وضع دراسة تصورية إستكمالا لهذا المؤتمر والجميع يضع تصوره لهذا الوضع القديم الجديد ينبثق عنها نظام عمل جاد لوضع مسلمي امريكا على خطى المواطنة الحقة.
3- أن لا نشعر ونتصرف على أننا حالة مذهبية، بل نحن كيان عظيم أصحاب دين كبير ومهم جدا في تركيبة الدنيا وننتمي إليه مدعما بإعظم دولة، لا جزر في بحر متلاطم تصارع وحدها. ولا طيورا تغرد خارج سربها.
4- ان نندمج اندماجا حقيقيا في المجتمعات وان نصبح جزء من نسيجها الاجتماعي ولا نذوب فيها كمسلمين بل نتمايز ونسمو بذلك عن الاخرين.
5- تعزيز الشعور لدى مسلمي هذه البلاد بان وجودهم حول العالم لحكمة الله ارادها من هجرتنا كهجرة الرسول ص من مكة الى ارض الخصب التي نما الاسلام فيها وترعرع.
6- الطلب من المراجع العظام بالنظر الينا انطلاقا من مفهوم الاندماج والمواطنة بأن يؤسس لفقه جديد لنا بعقلية قانون وأعراف هذه البلاد، تراعى فيه الضرورات وتحدد الخيارات. ذو معايير إسلامية أمريكية بلحاظ القانون الوضعي، تفرد لنا فيه عناية خاصة. لا فقه مغتربين فحسب.
7- التشديد على تربية الاولاد كابناء هذه البلاد مسلمين فيها لا غرباء ينتمون الى البعيد يحلمون بالبعيد يعيشون ازدواج الشخصية في الانتماء ( هل هو مواطن هل هذه حقا بلده هل هي عدوته يسالمها يعاديها يبقى فيها ام يهجرها والف سؤال من هذا القبيل).
8- تدعيم التعاون والتواصل فيما بيننا رجال دين ومؤسسات. وان لا نتشرذم تحت اي شعار، وان لا نكون سببا من اسبابها، فانها تودي بنا ان نصبح شيعا وقبائل.
9- انشاء لوبي إسلامي لحماية ومساعدة المسلمين الامريكيين والشرقيين.
10- ان لا تخضعنا الضرورات لفقد القرار فنصبح تبعا.
11- وضع تصور عام من قبل الجميع لقانون لنظام يوحدنا كمسلمين اولا ويحمينا ويؤمن الاندماج الطبيعي ويسهل المواطنة ويحمي الهوية الدينية المقدسة.
No comments:
Post a Comment