Wednesday, November 14, 2012

أنوار لن تطفأ

أورد الشّيخ الطوسي رحمه الله في مصباح الأنوار، عن أنس بن مالك قال:
صلّى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله في بعض الأيام صلاة الفجر، ثمّ أقبل علينا بوجهه الكريم، فقلت له: يا رسول الله، إن رأيت أن تفسر لنا قول الله عزّوجلّ : {فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَآءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً}. فقال صلى الله عليه وآله: أمّا النبيّون فأنا، وأمّا الصدّيقون فأخي عليّ عليه السلام وأمّا الشهداء فعمّي حمزة، وأمّا الصالحون فابنتي فاطمة وأولادها الحسن والحسين.
قال: وكان العبّاس حاضراً، فوثب فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: ألسنا أنا وأنت وعليّ وفاطمة والحسن والحسين من نبعة واحدة؟!
قال: وكيف ذلك يا عمّ؟
قال العبّاس: لأنّك تعرّف بعليّ وفاطمة والحسن والحسين دوننا.
فتبسّم النبيّ صلى الله عليه وآله وقال: أمّا قولك يا عمّ، ألسنا من نبعة واحدة فصدقت، ولكن يا عمّ، إنّ الله تعالى خلقني وعليّاً وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق الله تعالى آدم، حيث لاسماء مبنية، ولا أرض مدحية، ولا ظلمة ولا نور، ولا جنّة ولا نار، ولا شمس ولا قمر.
قال العبّاس: وكيف كان بدؤ خلقكم يا رسول الله؟
فقال: يا عمّ، لمّا أراد الله تعالى أن يخلقنا تكلّم بكلمة خلق منها نوراً، ثمّ تكلّم بكلمة فخلق منها روحاً، فمزج النور بالروح فخلقني وأخي عليّاً وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فكنا نسبّحه حين لا تسبيح، ونقدّسه حين لا تقديس. فلمّا أراد الله تعالى أن ينشيء الصنعة فتق نوري فخلق منه العرش، فنور العرش من نوري، ونوري خير من نور العرش.
ثمّ فتق نور أخي عليّ بن أبي طالب عليهم السلام فخلق منه نور الملائكة، فنور عليّ أفضل من الملائكة.
ثمّ فتق نور ابنتي فاطمة، فخلق منه نور السماوات والأرض، فنور ابنتي فاطمة أفضل من السماوات والأرض.
ثمّ فتق نور ولدي الحسن، فخلق منه الشمس والقمر، فنور ولدي الحسن أفضل من الشمس والقمر.
ثمّ فتق نور ولدي الحسين، فخلق منه الجنّة والحور العين، فنور ولدي الحسين أفضل من الجنّة والحور العين.
ثمّ أمر الله الظلمات أن تمرّ على السماوات، فأظلمت على الملائكة، فضجّت الملائكة بالتسبيح والتقديس، وقالت: إلهنا وسيّدنا! منذ خلقتنا وعرّفتنا هذه الأشباح لم نر بؤساً، فبحقّ هذه الأشباح إلاّ كشفت عنّا هذه الظلمة، فأخرج الله من نور ابنتي فاطمة قناديل معلّقة في بطنان العرش، فأزهرت السماوات والأرض، ثمّ أشرقت بنورها فلأجل ذلك سمّيت الزهراء.
فقالت الملائكة: إلهنا وسيّدنا! لمن هذا النور الزاهر، الذي قد أزهرت منه السماوات والأرض؟ فأوحى الله إليهم: هذا نور اخترعته من نور جلالي لأمتي فاطمة، ابنة حبيبي، وزوجة وليّي، وأخي نبيّي، وأبي حججي على عبادي، اُشهدكم ملائكتي أنّي قد جعلت ثواب تسبيحكم لهذه المرأة وشيعتها، ثمّ لمحبّيها إلى يوم القيامة.
فلمّا سمع العباّس من رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك، وثب قائماً وقبّل بين عينيّ عليّ عليه السلام وقال: والله، يا عليّ، أنت الحجّة البالغة لمن آمن بالله تعالى واليوم الآخر.

No comments:

Post a Comment