Friday, May 25, 2012

من زعم انه كالنبات ماله زارع



 عن مولانا أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه:

 ولو فكّروا في عظيم القدرة، وجسيم النعمة لرجعوا إلى الطريق وخافوا عذاب الحريق،
ولكنَّ القلوب عليلة والأبصار مدخولة (يعني معيوبة)،
أفلا ينظرون إلى صغير ماخلق؟ كيف أحكم خلقه، وأتقن تركيبه، وفلق له السمع والبصر وسوّى له العظم والبشر،
 اُنظروا إلى النملة في صغر جثّتها ولطافة هيئتها لاتكاد تنال بلحظ البصر ولا بمستدرك الفكر،
 كيف دبّت على أرضها، وضنّت على رزقها، تنقل الحبّة إلى جحرها وتعدَّها في مستقرِّها،
تجمع في حرِّها لبردها وفي ورودها لصدورها مكفول برزقها،
 مرزوقة بوفقها، لا يغفلها المنّان ولايحرمها الديّان ولو في الصفا اليابس والحجر الجامس،
لو فكّرت في مجاري أكلها، وفي علوها وسفلها،
وما في الجوف من شراسيف بطنها،
ومافي الرأس من عينها واُذنها،
 لقضيت من خلقها عجباً ولقيت من وصفها تعباً،
فتعالى الّذي أقامها على قوائمها، وبناها على دعائمها،
لم يشركه في فطرتها فاطر، ولم يعنه على خلقها قادر،
 ولو ضربت في مذاهب فكرك لتبلغ غاياته ما دلّتك الدلالة
 إلاّ على أنَّ فاطر النملة هو فاطر النحلة لدقيق تفصيل كلِّ شيء وغامض اختلاف كلِّ حيّ،
وما الجليل واللطيف والثقيل والخفيف والقويُّ والضعيف في خلقه إلاّ سواء،
كذلك السماء والهواء والريح والماء. فانظر إلى الشمس والقمر والنبات والشجر والماء والحجر،
واختلاف هذا الليل والنهار، وتفجّر هذه البحار، وكثرة هذه الجبال، وطول هذه القلال،
 وتفرُّق هذه اللغات والألسن المختلفات،
 فالويل لمن أنكر المقدِّر، وجحد المدبّر،
 زعموا أنّهم كالنبات مالهم زارع،
 ولا لاختلاف صورهم صانع،
 لم يلجأوا إلى حجّة فيما ادَّعوا،
ولا تحقيق لما وعوا،
وهل يكون بناء من غير بان،
أو جناية من غير جان.

No comments:

Post a Comment