جواب الإمام علي عليه السلام على يد ولسان الطرماح الى معاوية اللعين رداً على كتاب إلى علي عليه السلام.
كتب معاوية اللعين كتاب الى أمير المؤمنين هذا نصه.
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد يا علي لاضربنك بشهاب قاطع لا يدكنه الريح ولا يطفئه الماء، إذا اهتز وقع، وإذا وقع نقب والسلام.
كتب معاوية اللعين كتاب الى أمير المؤمنين هذا نصه.
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد يا علي لاضربنك بشهاب قاطع لا يدكنه الريح ولا يطفئه الماء، إذا اهتز وقع، وإذا وقع نقب والسلام.
فلما قرأ علي عليه السلام كتابه دعا بدواة وقرطاس ثم كتب:
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد يا معاوية فقد كذبت، أنا علي بن أبي طالب، وأنا أبو الحسن والحسين قاتل جدك وعمك وخالك وأبيك، وأنا الذي أفنيت قومك في يوم بدر ويوم فتح ويوم أُحد، وذلك السيف بيدي، تحمله ساعدي بجرأة قلبي كما خلفه النبي صلى الله عليه وآله بكف الوصي، لم أستبدل بالله رباً وبمحمدٍ صلى الله عليه وآله نبيا وبالسيف بدلاً والسلام على من اتبع الهدى.
ثم طوى الكتاب ودعا الطرماح بن عدي الطائي، وكان رجلاً مفوهاً طوالاً (1)، فقال له: خذ كتابي هذا فانطلق به إلى معاوية ورد جوابه.
فأخذ الطرماح الكتاب ودعا بعمامة فلبسها فوق قلنسوته، ثم ركب جملاً بازلاً فتيقاً مشرفاً علياً في الهواء (2)، فسار حتى نزل مدينة دمشق.
فسأل عن قواد معاوية، فقيل له: من تريد منهم؟ فقال: أريد جرولاً وجهضماً وصلادة وقلادة وسوادة وصاعقة أبا المنايا، وأبا الحتوف، وأبا الاعور السلمي، وعمرو بن العاص، وشمر بن ذي الجوشن، والهدى بن محمد بن الاشعث الكندي (3). فقيل إنهم يجتمعون عند باب الخضراء.
فنزل وعقل بعيره وتركهم حتى اجتمعوا ركب إليهم، فلما بصروا به قاموا إليه يهزؤون به.
فقال واحد منهم: يا أعرابي أعندك خبر من السماء؟ قال: نعم جبرئيل في السماء وملك الموت في الهواء وعليٌ في القضاء.
فقالوا له: يا أعرابي من أين أقبلت؟
قال: من عند التقي النقي إلى المنافق الردي.
قالوا له: يا أعرابي فما تنزل إلى الارض حتى نشاورك؟
قال: والله ما في مشاورتكم بركة ولا مثلي يشاور أمثالكم.
قالوا: يا أعرابي فإنا نكتب إلى يزيد بخبرك. وكان يزيد يومئذ ولي عهدهم. فكتبوا إليه: أما بعد يا يزيد فقد قدم علينا من عند علي بن أبي طالب أعرابي له لسان يقول فما يمل، ويكثر فما يكل والسلام.
فلما قرأ يزيد الكتاب أمر أن يهول عليه وأن يقام له سماطان بالباب بأيديهم أعمدة الحديد فلما توسطهم الطرماح قال: من هؤلاء كأنهم زبانية مالك في ضيق المسالك عند تلك الهوالك؟.
قالوا: اسكت هؤلاء أعدوا ليزيد.
فلم يلبث أن خرج يزيد، فلما نظر إليه قال: السلام عليك يا أعرابي.
قال: الله السلام المؤمن المهيمن وعلى ولد أمير المؤمنين.
قال: إن أمير المؤمنين يقرء عليك السلام.
قال: سلامه معي من الكوفة.
قال: إنه يعرض عليك الحوائج.
قال: أما أول حاجتي إليه فنزع روحه من بين جنبيه وأن يقوم من مجلسه حتى يجلسه فيه من هو أحق به وأولى منه.
قال له: يا أعرابي فإنا ندخل عليه، فما فيك حيلة والسرير قال: السلام عليك أيها الملك، قال: وما منعك أن تقول: يا أمير المؤمنين؟
قال: نحن المؤمنون فمن أمرك علينا؟.
فقال: ناولني كتابك.
قال: إني لأكره أن أطأ بساطك.
قال فناوله وزيري.
قال: خان الوزير وظلم الامير.
قال: فناوله غلامي.
قال: غلام سوء اشتراه مولاه من غير حل واستخدمه في غير طاعة الله.
قال: فما الحيلة يا أعرابي؟.
قال: ما يحتال مؤمن مثلي لمنافق مثلك قم صاغراً فخذه.
فقام معاوية صاغراً فتناوله ثم فصه وقرأ ثم قال: يا أعرابي كيف خلفت عليا؟. قال: خلفته والله جلداً، حرياً، ضابطاً، كريماً، شجاعاً، جواداً، لم يلق جيشاً إلا هزمه، ولا قرناً إلا أرداه، ولا قصراً إلا هدمه.
قال: فكيف خلفت الحسن والحسين؟.
قال: خلفتهما صلوات الله عليهما صحيحين، فصيحين، كريمين، شجاعين، جوادين، شابين، طريين مصلحان للدنيا والآخرة.
قال: فكيف خلفت أصحاب علي؟.
قال: خلفتهم وعلي عليه السلام بينهم كالبدر وهم كالنجوم، إن أمرهم ابتدروا وإن نهاهم ارتدعوا.
فقال له: يا أعرابي ما أظن بباب علي أحدا أعلم منك.
قال: ويلك استغفر ربك وصم سنة كفارة لما قلت، كيف لو رأيت الفصحاء الادباء النطقاء، و وقعت في بحر علومهم لغرقت يا شقي.
قال: الويل لامك.
قال: بل طوبى لها ولدت مؤمناً يغمز منافقاً مثلك.
قال له: يا أعرابي هل لك في جائزة؟.
قال: أرى استنقاص روحك، فكيف لا أرى استنقاص مالك.
فأمر له بمائة ألف درهم.
قال: أزيدك يا أعرابي؟ قال اسد يدا سد أبدا ، فأمر له بمائة ألف اخرى.
فقال ثلثها فإن الله فرد، ثم ثلثها.
فقال: الآن ما تقول؟.
فقال: أحمد الله وأذمك.
قال: ولم ويلك؟.
قال: لانه لم يكن لك ولابيك ميراثا، إنما هو من بيت مال المسلمين أعطيتنيه.
ثم أقبل معاوية على كاتبه فقال أكتب للاعرابي جواباً فلا طاقة لنا به، فكتب أما بعد يا علي فلأوجهن إليك بأربعين حملاً من خردل مع كل خردلة ألف مقاتل يشربون الدجلة ويسقون الفرات.
فلما نظر الطرماح إلى ما كتب به الكاتب أقبل على معاوية فقال له: سوء ة لك يا معاوية فلا أدري أيكما أقل حياء أنت أم كاتبك؟ ويلك لو جمعت الجن والانس وأهل الزبور والفرقان كانوا لا يقولون بما قلت.
قال: ما كتبه عن أمري.
قال: إن لم يكن كتبه عن أمرك فقد استضعفك في سلطانك وإن كان كتبه بأمرك فقد استحييت لك من الكذب، أمن أيهما تعتذر ومن أيهما تعتبر؟ أما إن لعلي صلوات الله عليه ديكاً أشتر جيد العنصر يلتقط الخردل لجيشه وجيوشه، فيجمعه في حوصلته.
قال: ومن ذلك يا أعرابي؟.
قال: ذلك مالك بن الحارث الاشتر.
ثم أخذ الكتاب والجائزة وانطلق به إلى علي بن أبي طالب صلوات الله عليه. فأقبل معاوية على أصحابه فقال: نرى لو وجهتكم بأجمعكم في كل ما وجه به صاحبه ما كنتم تؤدون عني عشر عشير ما أدى هذا عن صاحبه.
(1) طرماح - بكسر الطاء وشد الميم – هو أخو حجر بن عدى كان من كبار أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام.
والمفوه: المنطيق.
(2) قال الجوهري: بزل البعير فطر نابه أى انشق فهو بازل ذكرا كان أو انثى وذلك في السنة التاسعة وربما بزل في السنة الثامنة.وقال: يقال: جمل فتيق اذا انفتق سمنا وفى بعض النسخ [ الفنيق ] بالنون وهو الفحل المكرم.
(3) الجرول - كجعفر -: الحجارة.والجهضم - كجعفر أيضا -: الضخم الهامة، المستدير الوجه والرحب الجنبين، الواسع الصدر، والاسد، وصلد يصلد - كشرف يشرف -: بخل وصلد اى صلب ورجل صلد أى بخيل ولعل اراد بتلك الاسماء خواص معاوية او خدمه ويكون ذلك نبزا واستهزاء لهم. أو الجرول صفة أبي المنايا وجهضم صفة أبى الحتوف.
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد يا معاوية فقد كذبت، أنا علي بن أبي طالب، وأنا أبو الحسن والحسين قاتل جدك وعمك وخالك وأبيك، وأنا الذي أفنيت قومك في يوم بدر ويوم فتح ويوم أُحد، وذلك السيف بيدي، تحمله ساعدي بجرأة قلبي كما خلفه النبي صلى الله عليه وآله بكف الوصي، لم أستبدل بالله رباً وبمحمدٍ صلى الله عليه وآله نبيا وبالسيف بدلاً والسلام على من اتبع الهدى.
ثم طوى الكتاب ودعا الطرماح بن عدي الطائي، وكان رجلاً مفوهاً طوالاً (1)، فقال له: خذ كتابي هذا فانطلق به إلى معاوية ورد جوابه.
فأخذ الطرماح الكتاب ودعا بعمامة فلبسها فوق قلنسوته، ثم ركب جملاً بازلاً فتيقاً مشرفاً علياً في الهواء (2)، فسار حتى نزل مدينة دمشق.
فسأل عن قواد معاوية، فقيل له: من تريد منهم؟ فقال: أريد جرولاً وجهضماً وصلادة وقلادة وسوادة وصاعقة أبا المنايا، وأبا الحتوف، وأبا الاعور السلمي، وعمرو بن العاص، وشمر بن ذي الجوشن، والهدى بن محمد بن الاشعث الكندي (3). فقيل إنهم يجتمعون عند باب الخضراء.
فنزل وعقل بعيره وتركهم حتى اجتمعوا ركب إليهم، فلما بصروا به قاموا إليه يهزؤون به.
فقال واحد منهم: يا أعرابي أعندك خبر من السماء؟ قال: نعم جبرئيل في السماء وملك الموت في الهواء وعليٌ في القضاء.
فقالوا له: يا أعرابي من أين أقبلت؟
قال: من عند التقي النقي إلى المنافق الردي.
قالوا له: يا أعرابي فما تنزل إلى الارض حتى نشاورك؟
قال: والله ما في مشاورتكم بركة ولا مثلي يشاور أمثالكم.
قالوا: يا أعرابي فإنا نكتب إلى يزيد بخبرك. وكان يزيد يومئذ ولي عهدهم. فكتبوا إليه: أما بعد يا يزيد فقد قدم علينا من عند علي بن أبي طالب أعرابي له لسان يقول فما يمل، ويكثر فما يكل والسلام.
فلما قرأ يزيد الكتاب أمر أن يهول عليه وأن يقام له سماطان بالباب بأيديهم أعمدة الحديد فلما توسطهم الطرماح قال: من هؤلاء كأنهم زبانية مالك في ضيق المسالك عند تلك الهوالك؟.
قالوا: اسكت هؤلاء أعدوا ليزيد.
فلم يلبث أن خرج يزيد، فلما نظر إليه قال: السلام عليك يا أعرابي.
قال: الله السلام المؤمن المهيمن وعلى ولد أمير المؤمنين.
قال: إن أمير المؤمنين يقرء عليك السلام.
قال: سلامه معي من الكوفة.
قال: إنه يعرض عليك الحوائج.
قال: أما أول حاجتي إليه فنزع روحه من بين جنبيه وأن يقوم من مجلسه حتى يجلسه فيه من هو أحق به وأولى منه.
قال له: يا أعرابي فإنا ندخل عليه، فما فيك حيلة والسرير قال: السلام عليك أيها الملك، قال: وما منعك أن تقول: يا أمير المؤمنين؟
قال: نحن المؤمنون فمن أمرك علينا؟.
فقال: ناولني كتابك.
قال: إني لأكره أن أطأ بساطك.
قال فناوله وزيري.
قال: خان الوزير وظلم الامير.
قال: فناوله غلامي.
قال: غلام سوء اشتراه مولاه من غير حل واستخدمه في غير طاعة الله.
قال: فما الحيلة يا أعرابي؟.
قال: ما يحتال مؤمن مثلي لمنافق مثلك قم صاغراً فخذه.
فقام معاوية صاغراً فتناوله ثم فصه وقرأ ثم قال: يا أعرابي كيف خلفت عليا؟. قال: خلفته والله جلداً، حرياً، ضابطاً، كريماً، شجاعاً، جواداً، لم يلق جيشاً إلا هزمه، ولا قرناً إلا أرداه، ولا قصراً إلا هدمه.
قال: فكيف خلفت الحسن والحسين؟.
قال: خلفتهما صلوات الله عليهما صحيحين، فصيحين، كريمين، شجاعين، جوادين، شابين، طريين مصلحان للدنيا والآخرة.
قال: فكيف خلفت أصحاب علي؟.
قال: خلفتهم وعلي عليه السلام بينهم كالبدر وهم كالنجوم، إن أمرهم ابتدروا وإن نهاهم ارتدعوا.
فقال له: يا أعرابي ما أظن بباب علي أحدا أعلم منك.
قال: ويلك استغفر ربك وصم سنة كفارة لما قلت، كيف لو رأيت الفصحاء الادباء النطقاء، و وقعت في بحر علومهم لغرقت يا شقي.
قال: الويل لامك.
قال: بل طوبى لها ولدت مؤمناً يغمز منافقاً مثلك.
قال له: يا أعرابي هل لك في جائزة؟.
قال: أرى استنقاص روحك، فكيف لا أرى استنقاص مالك.
فأمر له بمائة ألف درهم.
قال: أزيدك يا أعرابي؟ قال اسد يدا سد أبدا ، فأمر له بمائة ألف اخرى.
فقال ثلثها فإن الله فرد، ثم ثلثها.
فقال: الآن ما تقول؟.
فقال: أحمد الله وأذمك.
قال: ولم ويلك؟.
قال: لانه لم يكن لك ولابيك ميراثا، إنما هو من بيت مال المسلمين أعطيتنيه.
ثم أقبل معاوية على كاتبه فقال أكتب للاعرابي جواباً فلا طاقة لنا به، فكتب أما بعد يا علي فلأوجهن إليك بأربعين حملاً من خردل مع كل خردلة ألف مقاتل يشربون الدجلة ويسقون الفرات.
فلما نظر الطرماح إلى ما كتب به الكاتب أقبل على معاوية فقال له: سوء ة لك يا معاوية فلا أدري أيكما أقل حياء أنت أم كاتبك؟ ويلك لو جمعت الجن والانس وأهل الزبور والفرقان كانوا لا يقولون بما قلت.
قال: ما كتبه عن أمري.
قال: إن لم يكن كتبه عن أمرك فقد استضعفك في سلطانك وإن كان كتبه بأمرك فقد استحييت لك من الكذب، أمن أيهما تعتذر ومن أيهما تعتبر؟ أما إن لعلي صلوات الله عليه ديكاً أشتر جيد العنصر يلتقط الخردل لجيشه وجيوشه، فيجمعه في حوصلته.
قال: ومن ذلك يا أعرابي؟.
قال: ذلك مالك بن الحارث الاشتر.
ثم أخذ الكتاب والجائزة وانطلق به إلى علي بن أبي طالب صلوات الله عليه. فأقبل معاوية على أصحابه فقال: نرى لو وجهتكم بأجمعكم في كل ما وجه به صاحبه ما كنتم تؤدون عني عشر عشير ما أدى هذا عن صاحبه.
(1) طرماح - بكسر الطاء وشد الميم – هو أخو حجر بن عدى كان من كبار أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام.
والمفوه: المنطيق.
(2) قال الجوهري: بزل البعير فطر نابه أى انشق فهو بازل ذكرا كان أو انثى وذلك في السنة التاسعة وربما بزل في السنة الثامنة.وقال: يقال: جمل فتيق اذا انفتق سمنا وفى بعض النسخ [ الفنيق ] بالنون وهو الفحل المكرم.
(3) الجرول - كجعفر -: الحجارة.والجهضم - كجعفر أيضا -: الضخم الهامة، المستدير الوجه والرحب الجنبين، الواسع الصدر، والاسد، وصلد يصلد - كشرف يشرف -: بخل وصلد اى صلب ورجل صلد أى بخيل ولعل اراد بتلك الاسماء خواص معاوية او خدمه ويكون ذلك نبزا واستهزاء لهم. أو الجرول صفة أبي المنايا وجهضم صفة أبى الحتوف.
تتمة...