آثار الذنوب الدنيوية
بقلم الدكتور الشيخ عباس كاشف الغطاء
إنّ الحضارة الإنسانية التي وفرت جميع وسائل الملذات والراحة لجسد الإنسان جعلت بعض الناس يظن أنّ جميع أمراضه عضوية تصيب هذا الجسد فيعالجه عند الأطباء المهرة للشفاء، بينما لا يدري ما الداء الحقيقي والدواء والشفاء ؟
فإنّ الداء الحقيقي الذنوب ضررها في الأرواح كضرر السموم في الأبدان والدواء الاستغفار والشفاء أن تتوب فلا تعود إلى الذنوب، موطن هذه الروح، والحق أنّ أسباب الأمراض العضوية أسباب مادية جلية ظاهرة كسوء التغذية مثلاً.
أما الذنوب فهي أسباب خفية للأمراض الروحية التي تكون آثارها المادية المحسوسة أشد فتكا بالفرد والمجتمع من الأمراض العضوية، ومع هذا قد ينكر ويكابر بعض الناس في الأسباب الخفية للأمراض الروحية أو يعزوها إلى أسباب مادية فيصدق الأسباب الظاهرة المحسوسة للأمراض العضوية فقط، ولكن من سبر التاريخ واستقراء حال الأمم والشعوب يرى آثار الأسباب الخفية للأمراض الروحية وهي الذنوب أشد فتكا بالفرد والمجتمع من آثار الأمراض العضوية، فما الذي أغرق أهل الأرض كلهم حتى علا الماء فوق رؤوس الجبال ؟ وما الذي سلط الريح العقيم على قوم عاد حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض كأنهم أعجاز نخل خاوية، ودمرت ديارهم وحروثهم وزروعهم ودوابهم حتى صاروا عبرة للأمم إلى يوم القيامة؟ وما الذي أرسل على قوم ثمود الصيحة حتى قطعت قلوبهم في أجوافهم وماتوا على آخرهم؟ وما الذي رفع قرى اللوطية حتى سمعت الملائكة نبيح كلابهم، ثم قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها فأهلكهم جميعاً. ثم أتبعهم حجارة من سجيل السماء أمطرها عليهم وما هي من الظالمين ببعيد!.
وما الذي أرسل على قوم شعيب سحاب العذاب كالظلل فما صار فوق رؤوسهم أمطر عليهم نارا تلظى؟.
وما الذي أغرق فرعون وقومه في البحر، ثم نقلت أرواحهم إلى جهنم، فالأجساد للغرق والأرواح للحرق؟.
وما الذي خسف بقارون داره وماله وأهله؟.
وما الذي أهلك القرون من بعد نوح عليه الصلاة والسلام بأنواع العقوبات ودمرها تدميرا؟.
وما الذي أهلك قوم صاحب ياس بالصيحة حتى خمدوا عن آخرهم؟.
وما الذي بعث على بني إسرائيل قوما أولوا بأس شديد فجاسوا خلال الديار وقتلوا الرجال وسبوا الذراري والنساء واحرقوا الديار ونهبوا الأموال؟.
وما الذي سلط عليهم بأنواع العذاب والعقوبات مرة بالقتل والسبي وخراب البلاد ومرة بجور الملك، ومرة بمسخهم قردة وخنازير، وآخر ذلك أقسم رب العزة والجلالة تبارك وتعالى ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب؟.
والجواب واضح للعيان فإنّ مصائب الذنوب أعظم من الذنوب.
وقد ورد في الدعاء المأثور: "أللهم إني أعوذ بك من زيغ القلوب ومن تبعات الذنوب ومن مرديات الأعمال ومضلات الفتن".
وفي هذا المقال لا نتكلم على آثار الذنوب الأُخروية من حيث المعصية ومخالفة الرب الموجبة لاستحقاق العقاب الذي قد يظن بعض الأفراد انحصار آثارها في هذا المجال لأنهم لا يرون تأثيرها في الحال بل من حيث آثارها الدنيوية على الفرد والمجتمع ومنها :
1- إفساد القلب بحيث يصبح أعلاه أسفله لا يستقر فيه شيء من الحق ولا يؤثر في شيء من المواعظ كالكوز المنكوس فيخرج ما يدخل فيه فيصير خاليا من الحق والمعارف مظلما قابلا لجميع المفاسد نعوذ بالله من ذلك.
قال الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام: كان أبي عليه الصلاة والسلام يقول: " ما من شيء أفسد للقلب من خطيئة، إن القلب ليواقع الخطيئة فما تزال حتى تغلب عليه فيصير أعلاه أسفله " [1].
كما أن الذنوب سبب لرين القلب وصدأه الموجب لظلمته وعماه فلا يقدر أن ينظر إلى وجوه الخيرات ولا يستطيع أن يشاهد صور المعقولات كالمرآة إذا ألقيت في مواضع الندى ركبها الصدأ وذهب صفاؤها وبطل جلاؤها فلا ينقش فيها صور المحسوسات، فكذلك تفعل الذنوب بالقلب من قسوته وغلظته وزوال نوره بما يعلوه من الذنوب.
قال الشاعر:
رأيت الذنوب تميت القلوب وترك الذنوب حيا القلوب
وقد يورث الذل إدمانهــا فاختر لنفســك عصيانها
2- الذنوب أسباب للأسقام والأوجاع لعموم الآية الشريفة:
وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ. [2].
ولقول الصادق عليه الصلاة والسلام: " أما أنه ليس في عرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض إلا بذنب " [3].
3- الذنوب أسباب للسطوات والنكبات والمصائب والبليات.
فقد روي عن الرسول عليه أفضل التحية والسلام: " ما أصاب رجل من المسلمين نكبة إلا ليغفر الله له الذنوب ".
وروي عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام: " تعوذوا بالله من سطوة الله بالليل والنهار. فسئل عليه الصلاة والسلام: وما سطوات الله؟ قال الأخذ على المعاصي "[4].
فالذنوب من أقوى الأسباب الجالبة لجهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء وزوال النعم وتحول العافية وفجاءة النقم فما زالت عن العبد نعمة إلا لسبب الذنوب ولا حلت نقمة إلا بذنب.
قال تعالى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} ([5] .
وقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ} [6].
4- الذنوب تذهب الرزق ولعل السر في ذلك أنّ الحكمة البالغة اقتضت تطهير المذنب بالمصائب والبلايا، وصرف الرزق عنه من أعظم المصائب لأن الفقر من كاسرات الظهر.
قال الإمام الباقر عليه الصلاة والسلام: " إنّ العبد ليذنب الذنب فيزوي عنه الرزق "[7].
وفي رواية أخرى عليه الصلاة والسلام: " إنّ الذنب يحرم العبد الرزق "[8].
فالذنوب تؤدي إلى زوال النعم واستحقاق النقم.
قال الإمام الباقر عليه الصلاة والسلام: " إن الله قضى قضاء حتما ألا ينعم على العبد بنعمة فيسلبها إياه حتى يحدث العبد ذنبا يستحق بذلك النقمة "[9].
5- الذنوب تحدث في الأرض أنواعا من الفساد في المياه والهواء والزرع والثمار وتخرب الديار والمساكن. قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [10].
وقال الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام: " حق على الله أن لا يعصى في الدار إلا أضحاها للشمس حتى تطهرها "[11].
6- الذنوب تؤخر قضاء الحوائج بل تمنع من قضائها تأديبا لينزجر عما فعله المذنب كما هو معروف بين المحبين فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقا دونه أو متعسرا عليه.
بقلم الدكتور الشيخ عباس كاشف الغطاء
إنّ الحضارة الإنسانية التي وفرت جميع وسائل الملذات والراحة لجسد الإنسان جعلت بعض الناس يظن أنّ جميع أمراضه عضوية تصيب هذا الجسد فيعالجه عند الأطباء المهرة للشفاء، بينما لا يدري ما الداء الحقيقي والدواء والشفاء ؟
فإنّ الداء الحقيقي الذنوب ضررها في الأرواح كضرر السموم في الأبدان والدواء الاستغفار والشفاء أن تتوب فلا تعود إلى الذنوب، موطن هذه الروح، والحق أنّ أسباب الأمراض العضوية أسباب مادية جلية ظاهرة كسوء التغذية مثلاً.
أما الذنوب فهي أسباب خفية للأمراض الروحية التي تكون آثارها المادية المحسوسة أشد فتكا بالفرد والمجتمع من الأمراض العضوية، ومع هذا قد ينكر ويكابر بعض الناس في الأسباب الخفية للأمراض الروحية أو يعزوها إلى أسباب مادية فيصدق الأسباب الظاهرة المحسوسة للأمراض العضوية فقط، ولكن من سبر التاريخ واستقراء حال الأمم والشعوب يرى آثار الأسباب الخفية للأمراض الروحية وهي الذنوب أشد فتكا بالفرد والمجتمع من آثار الأمراض العضوية، فما الذي أغرق أهل الأرض كلهم حتى علا الماء فوق رؤوس الجبال ؟ وما الذي سلط الريح العقيم على قوم عاد حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض كأنهم أعجاز نخل خاوية، ودمرت ديارهم وحروثهم وزروعهم ودوابهم حتى صاروا عبرة للأمم إلى يوم القيامة؟ وما الذي أرسل على قوم ثمود الصيحة حتى قطعت قلوبهم في أجوافهم وماتوا على آخرهم؟ وما الذي رفع قرى اللوطية حتى سمعت الملائكة نبيح كلابهم، ثم قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها فأهلكهم جميعاً. ثم أتبعهم حجارة من سجيل السماء أمطرها عليهم وما هي من الظالمين ببعيد!.
وما الذي أرسل على قوم شعيب سحاب العذاب كالظلل فما صار فوق رؤوسهم أمطر عليهم نارا تلظى؟.
وما الذي أغرق فرعون وقومه في البحر، ثم نقلت أرواحهم إلى جهنم، فالأجساد للغرق والأرواح للحرق؟.
وما الذي خسف بقارون داره وماله وأهله؟.
وما الذي أهلك القرون من بعد نوح عليه الصلاة والسلام بأنواع العقوبات ودمرها تدميرا؟.
وما الذي أهلك قوم صاحب ياس بالصيحة حتى خمدوا عن آخرهم؟.
وما الذي بعث على بني إسرائيل قوما أولوا بأس شديد فجاسوا خلال الديار وقتلوا الرجال وسبوا الذراري والنساء واحرقوا الديار ونهبوا الأموال؟.
وما الذي سلط عليهم بأنواع العذاب والعقوبات مرة بالقتل والسبي وخراب البلاد ومرة بجور الملك، ومرة بمسخهم قردة وخنازير، وآخر ذلك أقسم رب العزة والجلالة تبارك وتعالى ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب؟.
والجواب واضح للعيان فإنّ مصائب الذنوب أعظم من الذنوب.
وقد ورد في الدعاء المأثور: "أللهم إني أعوذ بك من زيغ القلوب ومن تبعات الذنوب ومن مرديات الأعمال ومضلات الفتن".
وفي هذا المقال لا نتكلم على آثار الذنوب الأُخروية من حيث المعصية ومخالفة الرب الموجبة لاستحقاق العقاب الذي قد يظن بعض الأفراد انحصار آثارها في هذا المجال لأنهم لا يرون تأثيرها في الحال بل من حيث آثارها الدنيوية على الفرد والمجتمع ومنها :
1- إفساد القلب بحيث يصبح أعلاه أسفله لا يستقر فيه شيء من الحق ولا يؤثر في شيء من المواعظ كالكوز المنكوس فيخرج ما يدخل فيه فيصير خاليا من الحق والمعارف مظلما قابلا لجميع المفاسد نعوذ بالله من ذلك.
قال الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام: كان أبي عليه الصلاة والسلام يقول: " ما من شيء أفسد للقلب من خطيئة، إن القلب ليواقع الخطيئة فما تزال حتى تغلب عليه فيصير أعلاه أسفله " [1].
كما أن الذنوب سبب لرين القلب وصدأه الموجب لظلمته وعماه فلا يقدر أن ينظر إلى وجوه الخيرات ولا يستطيع أن يشاهد صور المعقولات كالمرآة إذا ألقيت في مواضع الندى ركبها الصدأ وذهب صفاؤها وبطل جلاؤها فلا ينقش فيها صور المحسوسات، فكذلك تفعل الذنوب بالقلب من قسوته وغلظته وزوال نوره بما يعلوه من الذنوب.
قال الشاعر:
رأيت الذنوب تميت القلوب وترك الذنوب حيا القلوب
وقد يورث الذل إدمانهــا فاختر لنفســك عصيانها
2- الذنوب أسباب للأسقام والأوجاع لعموم الآية الشريفة:
وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ. [2].
ولقول الصادق عليه الصلاة والسلام: " أما أنه ليس في عرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض إلا بذنب " [3].
3- الذنوب أسباب للسطوات والنكبات والمصائب والبليات.
فقد روي عن الرسول عليه أفضل التحية والسلام: " ما أصاب رجل من المسلمين نكبة إلا ليغفر الله له الذنوب ".
وروي عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام: " تعوذوا بالله من سطوة الله بالليل والنهار. فسئل عليه الصلاة والسلام: وما سطوات الله؟ قال الأخذ على المعاصي "[4].
فالذنوب من أقوى الأسباب الجالبة لجهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء وزوال النعم وتحول العافية وفجاءة النقم فما زالت عن العبد نعمة إلا لسبب الذنوب ولا حلت نقمة إلا بذنب.
قال تعالى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} ([5] .
وقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ} [6].
4- الذنوب تذهب الرزق ولعل السر في ذلك أنّ الحكمة البالغة اقتضت تطهير المذنب بالمصائب والبلايا، وصرف الرزق عنه من أعظم المصائب لأن الفقر من كاسرات الظهر.
قال الإمام الباقر عليه الصلاة والسلام: " إنّ العبد ليذنب الذنب فيزوي عنه الرزق "[7].
وفي رواية أخرى عليه الصلاة والسلام: " إنّ الذنب يحرم العبد الرزق "[8].
فالذنوب تؤدي إلى زوال النعم واستحقاق النقم.
قال الإمام الباقر عليه الصلاة والسلام: " إن الله قضى قضاء حتما ألا ينعم على العبد بنعمة فيسلبها إياه حتى يحدث العبد ذنبا يستحق بذلك النقمة "[9].
5- الذنوب تحدث في الأرض أنواعا من الفساد في المياه والهواء والزرع والثمار وتخرب الديار والمساكن. قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [10].
وقال الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام: " حق على الله أن لا يعصى في الدار إلا أضحاها للشمس حتى تطهرها "[11].
6- الذنوب تؤخر قضاء الحوائج بل تمنع من قضائها تأديبا لينزجر عما فعله المذنب كما هو معروف بين المحبين فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقا دونه أو متعسرا عليه.
فإنّ للذنوب تأثيرا في سلب الرحمة الإلهية. وذلك لأن الفيض الإلهي لا بخل ولا منع من قبله تعالى وإنما ذلك بحسب عدم استعداد المذنب لهذا الفيض الإلهي من الرحمة في قضاء حوائجه.
قال الإمام الباقرعليه الصلاة والسلام: " إن العبد يسأل الحاجة فيكون من شأنه قضاؤها إلى أجل قريب أو إلى وقت بطيء، فيذنب العبد ذنبا فيقول الله تبارك وتعالى للملك: لا تقض حاجته واحرمه إياها فإنّه تعرض لسخطي واستوجب الحرمان مني "[12].
7- الذنوب تعدم فلاح الإنسان. والفلاح كلمة جامعة لخير الدنيا والآخرة، وذلك لأنّ الله تعالى خلق قلب المؤمن نورانيا قابلا للصفات النورانية فإذا أذنب خرج فيه نقطة سوداء وإن زاد في الذنب ازدادت النقطة السوداء حتى تغلب النقاط السود على جميع قلبه فلا يفلح بعدها أبداً لان القلب حينئذٍ لا يقبل شيئا من الصفات النورانية.
قال الصادق عليه الصلاة والسلام: " إذا أذنب الرجل خرج في قلبه نكتة سوداء فإنّ تاب انمحت وإنْ زادت حتى تغلب على قلبه فلا يفلح بعدها أبدا "[13].
8- الذنوب تؤدي إلى وحشة في القلب، ولا يعدمها أي لذة ولو اجتمعت لذات الدنيا بأسرها وكذلك وحشة بين المذنب وبين الناس ولا سيما أهل الخير، فإنّ المذنب بعد عن مجالسهم وحرم بركة الانتفاع بهم. بل وحشة تحصل بينه وبين زوجته وأولاده وأقاربه فتراه مستوحشا حتى من نفسه، كما أنّ الذنوب تخرج الغيرة والحياء من قلب المذنب على نفسه وأهله وعموم الناس فلا يستقبح بل يحسن الفواحش والظلم لغيره ويزينه له كان الديوث أخبث خلق الله.
9- إنّ إحداث الذنوب تؤدي إلى إحداث أنواع جديدة من البلاء، فإنّ الناس إذا اخترعوا في الذنوب وجوهاً لم يكن يعرفها أحد قبلهم كآلات القمار واللهو وغيره مثلا أحدث الله لهم بلاء لم يكونوا يعرفونه كأمراض خطيرة ووسائل للقتل والدمار والسلب والظلم وغيرها.
قال الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام: " كلما أحدث العباد من الذنوب ما لم يكونوا يعلمون أحدث الله لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون "[14].
كما أن الذنوب تزرع أمثالها وتولد بعضها بعضا حتى يعز على الإنسان مفارقتها والخروج منها فإنّ عقوبة السيئة سيئة بعدها، حتى أنّ بعض المذنبين يرتكب الذنب من غير لذة يجدها ولا داعٍ إليه إلا لما يجد من ألم مفارقة الذنب.
10- إن الذنوب تقصر العمر وتمحق البركة وتورث الذل وتسقط الجاه والمنزلة عند الناس وتحدث الخوف في القلوب من السلطان ففي الدعاء المأثور: (اللهم أعزني بطاعتك ولا تذلني بمعصيتك)[15].
وقال الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام: " إنّ أحدكم ليكثر به الخوف من السلطان وما ذلك إلا بالذنوب فتوقوها ما استطعتم ولا تمادوا فيها "[16].
وفي الختام لو لم يكن في ترك الذنوب إلا إقامة المروءة، وصون العرض، وحفظ الجاه، وصيانة المال الذي جعله الله تعالى قواما لمصالح الدنيا والآخرة، ومحبة الخلق، وصلاح المعاش، وراحة البدن، ونعيم القلب، وطيب النفس، وانشراح الصدر، والأمن من مخاوف الفساق والفجار، وقلة الهم والغم والحزن، وعز النفس عن احتمال الذل، وصون القلب أن تطفئه ظلمة الذنب، وتيسير الرزق عليه من حيث لا يحتسب، وتيسير العلم، والثناء الحسن بين الناس، وكثرة الدعاء له، والمهابة التي يكتسبها وجهه التي تلقى في قلوب الناس وانتصارهم، وحميتهم له إذا أوذي وظلم، وذبهم عن عرضه إذا اغتابه مغتاب، وتنافس الناس على خدمته وقضاء حوائجه وخطبتهم لمودته وصحبته لكفى في ذلك لترك الذنوب التي لها من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبدن في الدنيا ما لا يعلمها إلا الله تعالى.
الهوامش
[1] الكافي ج2 ص268 ح1
[2] سورة الشورى ، الآية :30
[3] الكافي ج2 ص269 ح3
[4] الكافي ج2 ص269 ح6
[5] سورة الشورى ، الآية :30
[6] سورة الأنفال ، الآية : 53
[7] الكافي ج2 ص270 ح8
[8] الكافي ج2 ص271 ح11
[9] الكافي ج2 ص273 ح22
[10] سورة الروم ، الآية : 41
[11] الكافي ج2 ص272 ح18
[12] الكافي ج2 ص271 ح14
[13] الكافي ج2 ص271 ح13
[14] الكافي ج2 ص275 ح29
[15] إقبال الأعمال – دعاء يوم المباهلة.
[16] الكافي ج2 ص275 ح27
قال الإمام الباقرعليه الصلاة والسلام: " إن العبد يسأل الحاجة فيكون من شأنه قضاؤها إلى أجل قريب أو إلى وقت بطيء، فيذنب العبد ذنبا فيقول الله تبارك وتعالى للملك: لا تقض حاجته واحرمه إياها فإنّه تعرض لسخطي واستوجب الحرمان مني "[12].
7- الذنوب تعدم فلاح الإنسان. والفلاح كلمة جامعة لخير الدنيا والآخرة، وذلك لأنّ الله تعالى خلق قلب المؤمن نورانيا قابلا للصفات النورانية فإذا أذنب خرج فيه نقطة سوداء وإن زاد في الذنب ازدادت النقطة السوداء حتى تغلب النقاط السود على جميع قلبه فلا يفلح بعدها أبداً لان القلب حينئذٍ لا يقبل شيئا من الصفات النورانية.
قال الصادق عليه الصلاة والسلام: " إذا أذنب الرجل خرج في قلبه نكتة سوداء فإنّ تاب انمحت وإنْ زادت حتى تغلب على قلبه فلا يفلح بعدها أبدا "[13].
8- الذنوب تؤدي إلى وحشة في القلب، ولا يعدمها أي لذة ولو اجتمعت لذات الدنيا بأسرها وكذلك وحشة بين المذنب وبين الناس ولا سيما أهل الخير، فإنّ المذنب بعد عن مجالسهم وحرم بركة الانتفاع بهم. بل وحشة تحصل بينه وبين زوجته وأولاده وأقاربه فتراه مستوحشا حتى من نفسه، كما أنّ الذنوب تخرج الغيرة والحياء من قلب المذنب على نفسه وأهله وعموم الناس فلا يستقبح بل يحسن الفواحش والظلم لغيره ويزينه له كان الديوث أخبث خلق الله.
9- إنّ إحداث الذنوب تؤدي إلى إحداث أنواع جديدة من البلاء، فإنّ الناس إذا اخترعوا في الذنوب وجوهاً لم يكن يعرفها أحد قبلهم كآلات القمار واللهو وغيره مثلا أحدث الله لهم بلاء لم يكونوا يعرفونه كأمراض خطيرة ووسائل للقتل والدمار والسلب والظلم وغيرها.
قال الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام: " كلما أحدث العباد من الذنوب ما لم يكونوا يعلمون أحدث الله لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون "[14].
كما أن الذنوب تزرع أمثالها وتولد بعضها بعضا حتى يعز على الإنسان مفارقتها والخروج منها فإنّ عقوبة السيئة سيئة بعدها، حتى أنّ بعض المذنبين يرتكب الذنب من غير لذة يجدها ولا داعٍ إليه إلا لما يجد من ألم مفارقة الذنب.
10- إن الذنوب تقصر العمر وتمحق البركة وتورث الذل وتسقط الجاه والمنزلة عند الناس وتحدث الخوف في القلوب من السلطان ففي الدعاء المأثور: (اللهم أعزني بطاعتك ولا تذلني بمعصيتك)[15].
وقال الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام: " إنّ أحدكم ليكثر به الخوف من السلطان وما ذلك إلا بالذنوب فتوقوها ما استطعتم ولا تمادوا فيها "[16].
وفي الختام لو لم يكن في ترك الذنوب إلا إقامة المروءة، وصون العرض، وحفظ الجاه، وصيانة المال الذي جعله الله تعالى قواما لمصالح الدنيا والآخرة، ومحبة الخلق، وصلاح المعاش، وراحة البدن، ونعيم القلب، وطيب النفس، وانشراح الصدر، والأمن من مخاوف الفساق والفجار، وقلة الهم والغم والحزن، وعز النفس عن احتمال الذل، وصون القلب أن تطفئه ظلمة الذنب، وتيسير الرزق عليه من حيث لا يحتسب، وتيسير العلم، والثناء الحسن بين الناس، وكثرة الدعاء له، والمهابة التي يكتسبها وجهه التي تلقى في قلوب الناس وانتصارهم، وحميتهم له إذا أوذي وظلم، وذبهم عن عرضه إذا اغتابه مغتاب، وتنافس الناس على خدمته وقضاء حوائجه وخطبتهم لمودته وصحبته لكفى في ذلك لترك الذنوب التي لها من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبدن في الدنيا ما لا يعلمها إلا الله تعالى.
الهوامش
[1] الكافي ج2 ص268 ح1
[2] سورة الشورى ، الآية :30
[3] الكافي ج2 ص269 ح3
[4] الكافي ج2 ص269 ح6
[5] سورة الشورى ، الآية :30
[6] سورة الأنفال ، الآية : 53
[7] الكافي ج2 ص270 ح8
[8] الكافي ج2 ص271 ح11
[9] الكافي ج2 ص273 ح22
[10] سورة الروم ، الآية : 41
[11] الكافي ج2 ص272 ح18
[12] الكافي ج2 ص271 ح14
[13] الكافي ج2 ص271 ح13
[14] الكافي ج2 ص275 ح29
[15] إقبال الأعمال – دعاء يوم المباهلة.
[16] الكافي ج2 ص275 ح27
جزاكم الله خيراً على هذه المقالة. لفتني الحديث عن أن الله يصيب المذنب بذنب لم يعرف من قبل بنوع من البلاء الذي لعهد للناس به من قبل. وتاكيداً على هذا الموضوع يوجد اليوم أمراض تعرف بأمراض اليهود الأشكناز وهي أمراض غريبة ونادرة جداً وبعضها يتوارث في الأشكناز فقط.
ReplyDeleteابحث عنها وإنظر إلى الصور فالصورة خير معبر. والسلام