Tuesday, January 11, 2011

ماذا جرى قبل وصية أمير المؤمنين عليه السلام

نقل الشّيخ القمّي في كتاب منتهى الآمال إنّ اللعين ابن ملجم عندما ضرب المولى أمير المؤمنين علي بن ابي طالب صلوات الله عليه، وقعت ضربته على موضع ضربة عمرو ابن عبد ود العامري، ثمّ وصلت الضربة من مفرق رأسه الشريف إلى موضع السجود، وعند ذلك قال الإمام صلوات الله عليه:
باسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله فزت وربّ الكعبة،
ثمّ صاح وقال: قتلني ابن ملجم قتلني ابن اليهودية، أيّها الناس لا يفوتنكم ابن ملجم.
فثار جميع من في المسجد فى طلب الملعون، ثمّ أحاطوا بأمير المؤمنين صلوات الله عليه، وهو في محرابه يشد موضع الضربة ويأخذ التراب ويضعه عليها، ثمّ تلا قوله تعالى:
{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} طه: 55.
ثمّ قال صلوات الله عليه وهو ملطّخ بدمائه:
جاء أمر الله وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله هذا ما وعدنا الله ورسوله.
ثمّ انّه لمّا ضربه الملعون ارتجت الأرض وماجت البحار والسماوات واصطفقت أبواب الجامع، وضجّت الملائكة ونادى جبريل عليه السلام بين السماء والأرض بصوت سمعه كلّ أحد:
تهدّمت والله أركان الهدى، وانطمست والله أعلام التقى، وانفصمت العروة الوثقى، قتل ابن عمّ المصطفى، قتل الوصي المجتبى، قتل عليّ المرتضى، قتله أشقى الأشقياء.
فلما سمعت أمّ كلثوم نعي جبرئيل لطمت وجهها وصاحت:
وا أبتاه! وا عليّاه! وا محمّداه!
فخرج الحسنان عليهما السلام إلى المسجد، فلما وصلا الجامع ودخلا وجدا أبا جعدة بن هبيرة ومعه جمع من الناس، وهم يجتهدون أن يقيموا الإمام فى المحراب ليصلّي بالناس فلم يطق النهوض فتقدم الإمام الحسن عليه السلام فصلّى بالناس وأمير المؤمنين عليه السلام يصلّي إيماء من جلوس، يميل تارة ويسكن اُخرى. فلمّا فرغ الإمام الحسن عليه السلام من الصلاة جاء إلى أبيه وأخذ برأسه الشريف،
وقال: وا انقطاع ظهراه! يعزّ والله عليّ أن أراك هكذا.
ففتح الإمام صلوات الله عليه عينه، وقال:
يا بني، لا جزع على أبيك بعد اليوم، هذا جدّك محمّد المصطفى، وجدتك خديجة الكبرى، وأمّك فاطمة الزهراء، والحور العين محدقون منتظرون قدوم أبيك، فطب نفساً وقر عيناً وكف عن البكاء، فإنّ الملائكة قد ارتفعت أصواتهم إلى السماء.
ثمّ شدّوا الجرح بردائه وجاءوا به إلى المسجد، وشاع الخبر في جوانب الكوفة وانحشر الناس حتى المخدرات خرجن من خدرهن إلى الجامع ينظرن إلى الإمام عليّ صلوات الله عليه، ودخل الناس فوجدوا الإمام الحسن عليه السلام ورأس أمير المؤمنين صلوات الله عليه، في حجره، وقد غسل الدم عنه، وشدّ الضربة وهي بعدها تشخب دماً، ووجهه صلوات الله عليه، قد زاد بياضاً بصفرة وهو يرمق السماء بطرفه ولسانه يسبح الله ويوحده، وهو يقول:
إلهي أسألك مرافقة الأنبياء والأوصياء وعُلا درجات جنّة المأوى.
فغشي عليه ساعة، فبكى الإمام الحسن عليه السلام بكاء شديداً، فسقط من دموعه قطرات على وجه أمير المؤمنين صلوات الله عليه، ففتح المولى عينه ورآه باكياً، فقال له:
يا بني، يا حسن، ما هذا البكاء والجزع؟ يا بني، أتجزع على أبيك وغداً تقتل بعدي مسموماً مظلوماً، ويقتل أخوك الحسين بالسيف وتلحقان بجدّكما وأبيكما وأُمّكما.
ومع ذلك كلّه وفي تلك الحالة الّتي مرّ بها الإمام صلوات الله عليه، أخذ المولى يوصي الإمام الحسن والإمام الحسين عليهما السلام وجميع أهل بيته، ويوصي شيعته ومن بلغه كتابه بوصايا وحكم، يركّز فيها على هداية الناس، ويحثّهم على التمسّك بالقرآن الكريم، واجراء السنن والقوانين الإلهيّة النازلة في القرآن، وقد نقل لنا أرباب السير وحملة التواريخ، انّ المولى صلوات الله عليه، تلفظ في احتضاره بوصايا وحكم إلهيّة، خلّدها التاريخ الإنساني بأحرف من نور، وتلقفتها الأجيال جيل بعد جيل إلى أن وصلت إلينا، وسوف تبقى نبراساً خالداً ما بقي الزمان والمكان تنير للسالكين سبل الهداية والرشاد.

1 comment:

  1. ahsantom mawlana.. jazakom Allah khayr jazaa

    ReplyDelete