Monday, April 18, 2011

الى سيدتي ومولاتي الزهراء عليها السلام في ذكراها

بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبين محمد النبي العربي الأمين وعلى آل بيته الغر الميامين وصحبه الكرام المنتجبين والذين اتبعوهم باحسان



واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم اعداء الدين



قال الله تعالى



أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ



الصلاة والسلام على الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين.



نسمة الأمل



وأم الحسنين



وزوجة الكرار



وبضعة المختار



السيدة الطاهرة الزكية التقية ذات النفس الأبية.



مقدمة لا بد منها



التشيع بنظرنا وبالواقع هو الاسلام، والاسلام هو التشيع.



وارتبط التشيع بعلي بن ابي طالب عليه السلام وكذلك بفاطمة الزهراء فالأئمة من ولدهما، سفن النجاة.



فكما ليس هناك من دين لولا علي بعد رسول الله طبعا، لم يكن هناك تشيع لولا فاطمة عليها السلام، لربما كان هناك دين يدعى الاسلام، غير أن الاسلام منه براء.



لقد جاء الاسلام بنظام عالمي جديد، وإحياءً لقيم دفنتها الايام وضاعت من بين الانام.



كيف ألج الى الزهراء وأي الوجوه أظهر، كيف لا وهي الزهراء الحوراء الأنسية، روحي لها الفدا.



الزهراء المرأة



فقد جمعت وحازت الطاهرة كل خصال الخير والرفعة والشرف والسؤدد، إبنة خاتم الانبياء، وزوجة سيد الاوصياء، وأم لسيدي شباب أهل الجنة، وأم أبيها، ونفس خديجة الكبرى، عليهم من ربهم صلوات.



المرأة ام الإبنة أم الزوجة



اما الزهراء المرأة، المسلمة المؤمنة المثابرة المجاهدة المكافحة حتى يعجز البيان عن تعداد صفاتها، ولا غلو في ذلك، بل منتهى التقصير في حضرتها.


إمرأة وعت الاسلام بحذافيره وآمنت به بوعي المؤمن العاقل، لا لكونها إبنة النبي محمد(ص) المقلدة التي ولدت في بيت يحتم عليها سلوكا نبويا.



فالقران حدث وأرخ لأبناء أنبياء، وزوجات أنبياء لم يعصمهم كونهم من بيت نبوة، أو لصيقي نبوة.



إن من أعراف هذه الأيام أن تذكر المرأة بجمالها مثلاً.



نحن لم نعرف شكل فاطمة وقوامها ومقدار جمالها بالرغم من ان إسمها ينبئ عنها (فهي الزهراء)، وغاب عنا رسمها، ولم تصلنا صورتها، إلا أنا نحبها ونقدرها ونجلها لأسباب شتى، سـأكتفي بسببين:



أولهما عقلها الراجح، سبباً لإيمانها الراسخ، وثباتاً لعقيدتها الحقة.



والثاني هو ان حبها من حب رسول الله وحبهما حب لله وطاعة عزوجل،



لكونها من أصول تلك الشجرة الطيبة المباركة التي تؤتي أكلها كل حين باذن ربها، فمعلوم ان شجر الدنيا يثمر مرة في الموسم، اما شجرة النبوة فمثمرة دائما، إما مددت يدك نحوها أعطتك حكمة وهدى وصراط مستقيم وعزاء في دار البلاء.



وهي سلام الله عليها بالرغم من قصر عمرها الشريف -ثمانية عشر ربيعا- قدمت ما تعجز أمم أن تقدمه في عشرات السنين.



فقد ضرب الله لنا بها مثلا.



من أن الحياة لا تقاس بقصر العمر أم بطوله.



بل بماذا تحوز وتعمل وتنجز فيه وماذا تحقق.



الدنيا ساعة فاجعلها طاعة قول لأمير المؤمنين عليه السلام.



الزهراء المرأة


هي الكاملة التي أراد من خلالها الله ان تكون النموذج للمرأة المسلمة.


المرأة التي أمر بحجابها، لا تعقيداً لحياتها، وقمعاً لحريتها، وستراً لجمالها، وأنها عورة.



إن الله ستر من المرأة الجسد وحجبه ليطلق العنان للعقل ولم يقيده لقيد، إلا بما يضر به ويشينه ويزريه.



وأراد أن يجعل مقياس جمال المراة رجحان عقلها، وقوة إيمانها، لا شكلها الخارجي وجمال القد والقوام اللذان لا دخل لها بصناعتهم بل هم من صنع الله الجميل اللطيف الخبير.



أما رجحان العقل والتدبير والإيمان والإلتزام هم من صنعها، وهي من صاغهم بأحسن صياغة، فتستحق التقدير كلما أتقنت صنعها.



وإلا فمن يقدم على امرأة مجنونة مسلوبة العقل غير إنها جميلة الجميلات، وقوام فتان.



إن أول شرعة ودين أنصف المرأة إنصافا كاملاً إلى الآن هو الاسلام، الذي كان سباقاً ولا يزال، بالرغم من إدعاءات كاذبة حررت المرأة لتستغل، لتستعبد من جديد، بأسلوب ارقى، حضاري، فإن رفعت عنها قيود ليعاد وتوضع في أغلالا وأصفاد جديدة، وإن كانت من ذهب في بعض الاحيان.



و انظروا معي الى صورة المراة في بلاد الحرية وأنتم تحكمون لو أنصفتم فهل أنصفت.




الزهراء الإبنة



توفيت أمها خديجة الكبرى سلام الله عليهما وهي صغيرة حدث السن، وتركتها بين يدي أب لا تعوزه المشاغل.


فبين هو يبني الأسلام ويصدع بما أمر يفجع بالناصر والحامي والباذل عنيت خديجة سلام الله عليها .



وتترك له إبنة هي بأمس الحاجة في عمرها إلى أم، فإذا بهذه الطفلة الجبارة الواعية لكل ما يدور من حولها تقوم مضطلعتا بدور أمها ولم تُشعر أباها للحظة أنها عبئ عليه، او أن أمراً قد تغير، فهي الإبنة التي تدخل السرور على قلب ابيها، وتقف غلى جانبه تؤازره كما كانت تفعل والدتها العظيمة، وتحنو عليه حنو الام الرؤم العطوف، فإذا بها يناديها أبوها" فاطمة أم ابيها" السر في ذلك أنها وعت الاسلام على حقيقته، فعاشته إيماناً راسخاً كالجبال، وانها وعت الدور العظيم لأبيها ولذاتها الشريفة.



تتحمل مع أبيها كل التبعات التي اقتضتها المرحلة الصعبة من تاريخ نشر الاسلام.



فها هي مدافعة عنه والذابة لأذى قريش له، تحبس معه في الشعب، شعب أبي طالب. وتهاجر لحوقاً به بعد تهجيره قصراً عن أرضه التي ولد فيها، وعن جوار بيت الله، فتنتقل إلى المدينة نقلة نوعية جديدة، هناك حيث خطا الإسلام خطواته الكبرى، وشاء الله له أن ينتشر منها إلى أسقاع المعمورة.



الزهراء الزوجة



تتأهل بعلي عليه السلام الذي لولاه ما وجد لها كفؤ على وجه الارض.



ويزوجهما الله في السماء قبل الارض، وبمجمع الملائكة تحت شجرة طوبى التي تنثر لألئها كرمى لنفس المصطفى التي بين جنبيه.



وتلتقطه الملائكة والحورالعين، وأنهم يتهادينه ويفخرن به الى يوم القيامة، ولم لا فإنه من نثار فاطمة الزهراء عليها السلام .



ويهبط جبريل عليه السلام زافاً البشرى لنبي الرحمة وينبئه عن الله عز وجل بان يزف الزهراء لعلي، وأن يبشرهما بغلامين زكيين طاهرين طيبين خيرين فاضلين في الدنيا والاخرة.



فيطرق الباب عليٌ فيلقاه النبي هاشاً باشاً وينبئه: ألا واني منفذٌ فيك أمر ربي عز وجل ومزوجك على رؤوس الأشهاد وذاكرا فيك من فضلك ما تقر به عينك وأعين محبيك.



لكن يا رسول الله لا أملك إلا سيفي هذا ودرعي وفرسي وناضحي.



أما سيفك وفرسك وناضحك فلا غنى بك عنها تقاتل المشركين وتذب عن الدين،


وأما درعك فشأنك بها.


فينادي بلالاً أن يجمع الناس فيرتقى النبى (ص) منبره ووجهه متهلألأ فرحا: فحمد الله وأثنى عليه وقال معاشر الناس إن جبريل أتاني أنفا فأخبرني عن ربي عز وجل أنه جمع الملائكة عند البيت المعمور وأنه أشهدهم جميعا انه زوج امته فاطمة إبنة رسول الله من عبده علي بن أبي طالب وأمرني أن ازوجه في الارض وأشهدكم على ذلك.



قم يا أبا الحسن واخطب لنفسك، قالها رسول الله . فقام علياً فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه واله، الحمد لله لانعمه وأياديه، ولا إله إلا هو شهادة تبلغه وترضيه، وصلى الله على محمد صلاة تزلفه وتُخطَيه، والنكاح مما أمر الله عز وجل به ورضيه، ومجلسنا هذا مما قضاه الله واذن فيه، وقد زوجني رسول الله صلى الله عليه واله إبنته فاطمة وجعل صداقها درعي هذا وقد رضيت بذلك فاسالوه واشهدوا.



ثم قام الى السوق وباع درعه باربعمائة درهم واعطاها لرسول الله فقبض منها قبضة فكانت ثلاث وستون درهماً ودفعها الى ابي بكر وبعث معه سلمان الفارسي ليشتريا جهازاً للعروسين:



فراشاً من خيش مصر محشوا بالصوف، ونطعاً، ووسادة حشوها من ليف النخل، وعباءة خيبرية، وقربة للماء، وكيزاناً، وجراراً، ومطهرة للماء، وستر صوف رقيقا.



وضعت بين يدي رسول الله ص الذي بكى ما إن رأها وجرت دموعه، ورفع رأسه الى السماء وقال: اللهم بارك لقوم جل آنيتهم من الخزف.



وسكنا غرفة واحدة ملاصقة لبيت ومسجد الرسول الذي لم يغير من عادته مدة حياته أنه كلما كان خارجاً ورجع لا يدخل بيته قبل ان يقف بباب الزهراء سلام الله عليها قائلاً:


" السلام عليكم أهل البيت".



طحنت الزهراء عليها السلام بيديها الشعير الذي كانت تصنع منه أقراصا لطعام أسرتها، وكم من الأيام والليالي باتوا طاوين الليالي بالأيام بلا طعام سوى شربة من ماء، وإن ما وجد لديهم غموس أو طبق آخر إلى جنب قرص الشعير كان الملح الخشن، وكان نعم الطعام والزاد الذي لم يسمع أنهم اشتكوا يوماً منه بل حمدوا الله وشكروه أن يديم عليهم النعمة، وهم الذين لو شاؤوا وأقسموا على الله العزيز القدير أن يحول لهم رمل الصحارى تبراً ما بخل عليهم قط.



وكيف لا وهم الذين خلقت الدنيا بأسرها من أجلهم.



ونحن إن كنا نتنعم بالحياة فبفضلهم وبركتهم، وبعضاً من فيوضاتهم.



هذا هو جهاز وحياة أهل بيت ليس لهم على وجه الارض نظير ولا كفؤ، وصي خير نبي، وإبنة أعظم نبي، وسبطاه سيدي شباب أهل الجنة.



الزهراء الأم



لا يوجد ولن يوجد على وجه الارض أسرة أكرم وأرفع وأعظم من الأسرة المحمدية تلك التي شكلتها الزهراء مع أمير المؤمنين عليهم السلام فقد جمعت كل خصال المجد.



الجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأي رسول جبريل خادمه.



والجدة خديجة الكبرى، والجد أبو طالب سيد البطحاء، والجدة فاطمة بنت أسد ام النبي الحانية.



الأم فاطمة الزهراء روح النبي التي بين جنبيه.



والاب علي بن ابي طالب امير المؤنين وسيد الوصيين وكفى بذلك فخرا.



الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، وزينب الكبرى وما أدراك من زينب، وأم كلثوم هم الأبناء والبنات.



وفوقهم تواضع لله عظيم.



هذه الاسرة الفقيرة بمعايير الدنيا، ذات الحياة البسيطة، بيد أنها الأغني على وجه الدنيا قاطبة من الاولين والآخرين بقيمها وذاتها الانسانية،



وذلك لصدق معرفتها بربها، وانقيادها له.



وسيبقى أهل البيت نموذجا للمؤمن والمؤمنة المهتدي الذي تصغر الدنيا في عينيه إلا ليقيم حقا ويدفع ظلما وينصر مستضعفا، ويرضي الله تعالى.



وفاء الأمة لنبيها ورد الجميل



بالرغم من كل هذا الشرف العظيم الذي حازوه عن جدارة، لا يوجد على وجه الدنيا أسرة بهذا الشرف وعظيم النسب تعرضت للأذى والنكران من امتها كهذه الاسرة.



...فبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المغتسل كانت الطعنة الاولى، وتوالت الطعنات والغدرات.



هكذا حفظت الامة ووعيت وصية عظيمها ومنقدها من الردى والنار ( قل لا أسالكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) (إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفون).



أيام قلائل وإذا بالحطب يجمع على نفس الباب الذي طالما وقف عليه نبيهم آخذاً بعضادتيه مسمعاً منادياً ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ).



ويساق علياً مكبلاً ليبايع، ويركض إلى قبر حبيبه باكياً شاكياً: يابن عم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلون.



ويدس السم لريحانة رسول الله الحسن عليه السلام.



ويطاف برأس الحسين عليه السلام من بلد الى بلد.



وزينب وأم كلثوم وياقي الشرف سبايا يعرضن على القاصي والداني، ويذوقون ألوان الهوان.



والصبر رائدهم والموعد الجنة والحكم يومئذ لله يوم القيامة.



ويسقط الأبناء إمام اثر إمام، لا ذنب لهم إلا لأنهم يريدون ان يحملوا الناس على المحجة البيضاء.



ابدا لا يوجد امة على وجه الارض ناكرة للجميل كأمتنا، وهكذا يكافئ رسول الله الذي مد يد الله إليها وانتشلها من الموت، وأعاد لهم الحياة.



خاتمة



نتذكر الزهراء(ع) والائمة(ع) لا لنبكيهم ونندبهم ونحزن عليهم إنما لنحذو حذوهم ونتشبه بهم.



ولكننا لسنا الزهراء ولا علي و لسنا أئمة معصومين صلوات الله عليهم أجمعين سيقول قائل:؟



وأقول إن لم تكونوا كراماً فتشبهوا.



حاولوا جربوا تخلقوا بأخلاقهم ولو لمرة وستنجحوا سترون أن العصمة صنع فعالنا.



إن أهل البيت لم يستعينوا بخارق المعجزات ليكونوا ما كانوا عليه بل استعانوا بكوامن شخصياتهم وما اودع الله فيهم من عقل وجوارح وأحاسيس، الفرق أنهم سخروه كله وصبوه في درب الله، فطابت حياتهمظن فطابواوطهروا.



حتى الاذى والظلم الذي ألحق بهم حولوه عبادة يجزون عليها.



فقد وجدت الزهراء في قرص الشعير الخشن وآنية الفخار خير جهاز لدنيا فانية، ما هم إن تنعمت بالديباج والحرير وحفت بالغلمان والخدم إن كانت ستترك الدنيا بكفن خشن وتسكن التراب.



واستشهدت الزهراء بحسرتها واجدة على الأمة وهي تقول: "لو تركوا الحق على اهله واتبعوا عترة نبيه لما اختلف في الله اثنان ولورثها سلف عن سلف وخلف من بعد خلف حتى يقوم قائمنا التاسع من ولد الحسين عليه السلام."



هذا قليل من كثير، غيض من فيض، علني أكون قد وفقت في إظهار بعض حق جدتي الزهراء صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها



السلام على الزهراء يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حية.



ولعن الله ظالميها وضاعف عليهم العذاب الاليم



أبرأ إلى إلى منهم.

No comments:

Post a Comment