جامعة القديس يوسف
معهد الدراسات الاسلامية المسيحية
الحلقة الدراسية حول التربية على التعايش من خلال التعليم الديني
المدرسي
التعليم الديني في مجتمع متعدد الاديان
السيد مهدي الامين
طروحات الفكر الشيعي في لبنان حول مسألة التعليم الديني في مجتمع
متعدد الاديان
بيروت2002
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى
* قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون *ال عمران 64
وقال تعالى
* يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم *الحجرات 13
انطلاقاً من هاتين الآيتين والنصيين الشرعيين الملزمين حدد الله تعالى لنا العلاقة كمسلمين مع اهل الكتاب (النصارى واليهود والمجوس ) الاية الاولى نصت على عبادة الله الواحد وانه ربنا جميعا وهو إله واحد وليس آلهة متعددة * وما كان معه من إله اذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون*المؤمنون 91
وحددت الاية الثانية شكل العلاقة المحلية والعالمية التي تحكم كافة الناس.وتضبط – مستبطنه - العلاقة بين البشروالطبيعة بكل مافيها.
ومن هذا المنطلق وتحت هذه العناوين نحدد رؤيتنا وطروحاتنا في كل العلاقات الانسانية مع الاخرين من شتى جوانبها المتعددة .وما التعليم الديني محل بحثنا الا واحد من تلك العناوين .
مدخل
قبل الخوض غمار البحث لا بد من مدخل يفضى الى ارساء قواعد اثبت لموضوعنا من الناحية العملية ان اردنا ان لا نعتمد التنظير فحسب .
التعليم الديني في مجتمع متعدد وقائم على هذه التعددية .
ذهب البعض الى اعتبار التعددية ميزة كبرى وعلامة فارقة وسر قوه في مجتمعنا اللبناني . وقد يكون هناك مجتمعات اخرى اكثر تعددية منا وتحتضن اكثر منا طوائف ومذاهب واعراق مختلفة ، الا ان المميز في مجتمعنا أننا في رقعة ارض صغيرة وفي منطقة هامة من العالم ، وسطاً بين العالم القديم والجديد ونشكل حلقة وصل وتعاون لا غنى عنه . بخلاف ما ذكرنا من تعدديات اخرى تتباعد جغرافيا وتستقل بنحو ما احدها عن الاخرى.
ولفهم الاخر ولتفعيل هذه التعددية ولتفعيلها ونزع منها فتيل التفجير المتنقل عبر الاجيال، لا بد من معرفة الاخر ولو على نحو الاجمال فبالمعرفة تتكتشف طرق التعامل الصحيح وتقرب ما بين المتباعدين تعدديا المتشابهين انسانياً.
فإلى أن وصلنا الى هذه الدرجة من الصراحة والتفاهم وصرنا بكل جرأة نطرح سويا مسائلنا الخاصة كالتعليم الديني المشترك ، فإنا بذلك نكون قد قطعنا شوطاً كبيراً جداً ونوعياً وهاماً في هذا المجال ، وما هذا اللقاء اليوم ضمن حلقة علمية بحثية الا نتيجة لما كابده السلف في العقود الماضية متصلا بنا من العناء حتى وصلنا نحن الى ـ الطاولة المستديرة هذه – لقد دفع لهذا ولما هو ارقى منه في المستقبل ان شاء الله اثمانا باهظة.
وبما ان التعليم الديني ليس عملية افراغ شحنة معلومات في ذهن الاخر. وايضا هنا ـ وليس اطالة ـ انما في سبيل الفهم الاشمل ومن باب الاحاطة بالموضوع، وما ذهبت اليه في كلاماتي السابقة ، استند الى ما ذهب اليه الامام المقدس الشيخ محمد مهدي شمس الدين في تقسيمه للمراحل التي مرت بها دعوة الاخرين الى دين الاخر ومحاورتهم، وذلك في القرون والعقود الماضية، والامس القريب، وآنياً في بعض المناطق من العالم.
أولا: حوار السيف، وسببه عدوان الكتابيين مسيحيين ويهود على المسلمين من جهة، وخطأ المسلمين من جهة اخرى. تمثل بغزوات متبادلة لاكتساح اراضي ومناطق نفوذ الاخر وفرض المعتقد بالقوة. نماذجه فتح اوروبا، الغزوات الصليبة، فتح الاندلس والجلاء عنها وغيره...
ثانيا: حوار اللاهوت، او التنصير من قبل المسيحيين للمسلمين وأسلمت المسيحين من قبل المسلمين، البعثات التبشيرية المسيحية الى اطراف اسلامية وكذلك الدعاة المسلمين من تجار ودعاة الى اماكن نصرانية وغيرها.
ثالثاً حوار الحياة وهو المطلوب وهو ما يجري الان على الاقل.
هنا محل الاية الكريمة اذ لدينا قاسم مشترك الا وهو التراث الابراهيمي الذي تشترك به الديانات الثلاث الكبرى المسيحية والاسلام واليهودية ويمكن ان يكون مرتكز انطلاق وقاعدة سليمة ان - لم نجد - للتفاهم والحوار.
ولقد كانت هذه العناوين الثلاث حاضرة بين المسلمين كمذاهب وفرق وأخذ الحوار نفس المنحني ايضا انما على قاعدة التكفير وبالتالي اراقة الدماء سبيلا للفرض والاستعلاء ، حيث يغيب الحوار العقلاني المباشر.
اما ما يجمع بين المسلمين كطوائف ومذاهب وفرق ونحل، قواسم مشتركة كثيرة وكليات كبرى وتفاصيل ايضا كبرى اصلها واحد، انما الاختلاف بينها في تفاصيل مشتركة صغرى وليست جوهرية بطبيعتها كانت وليدة للتطرف والغلو بعض الشئ.
لست هنا في صدد الدعوة للوحدة بين المذاهب، ولا بين الاديان ـ فهذا ارث حضاري هام وخاصة في لبنان ـ بل الدعوة الى اخذ الجزء الابراهيمي المشترك بيننا كاديان القائم على مبدأ التوحيد ومبني على احترام عقلية الاخر على العكس من حوار اللاهوت، بأن احتفظ بخوصيتي واحترم خصوصيات وهوية المذاهب الاخرى على العكس من حوارية التكفير.
ونخلص الى نتيجة مفادها: لا اريد تشييع السني ولا اسلمت المسيحي ولا العكس، فمصلحتي اذا ومصلحته تقضي ان يتعلم ماعندي واتعلم ما عنده حتى يصبح بالمقدور لعيش مشترك كريم ان ينمو ويترعرع انطلاقا من فهم الاخر.
وبالواقع هذا ما يكرسه ويدعو اليه الاسلام بكل تجرد، وان كان هناك في ارض الواقع خلاف ما ادعي وان الموجود على الارض لا يعني انني لست صادقا في دعواي. فالاسلام بخلاف ذلك.
علما ان الدين – اي دين – لم يكن في يوم من الايام داعية فتنة وقتال وان كان كذلك فهو ليس من الله في شئ.
ومثله ما يحدث اوحدث في اكثر من بقعة من بقاع العالم سواء اكان متحضرا او متخلفا ذا دين سماوي او وثني.
ففي العالم العربي (الجزائر مصر) العالم الاسلامي (افغانستان كشمير) ام الغربي( إرلندا والبوسنة) ام في المجتمعات غير المتحضرة والتي لا تدين بدين سماوي بل معتقدات وثنية بين القبائل الافريقية في( روندا مثلا بين قبائل التوتسي والهوتو) وغيرهم.
برأيي ان هذه الصراعات ليست اكثر من تجارة وغباء ولن اقول جهل بل ان اصحابها يعلمون جيدا ما يقترفون ولكن كل ما أُريد له ان يحل بالعنف يمكن ان يحل بالسلم قطعا وبالحوار ولكن هناك تعصب بغيض مدروس ينفس بالقتل، ناهيك عن كون هذه الصراعات والحروب المتنقلة هي تجارة لسماسرة الحروب، فلا يوجد اي دافع ديني حقيقي ورائها، وان زعم اصحابها ذلك، انما البست لبوس الدين لتشريعها وكسب التعاطف والتأييد المحلي العصبي. بالرغم من انه لا يوجد اي تشريع او نص ديني على الاطلاق يبرر ذلك ويدعو الى تخيير الاخر بالانضواء ضمن دينه او القتل.
انها النرجسية والانانية والاحقاد وضيق الافق والصدر لاستيعاب بعضنا والعيش معا بسلام ووئام وقبول الاخر كما هو، شريكاً في الحياة والانسانية.
ورد في القرآن: * يا ايها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير *الحجرات (13).
منطلق الطرح الشيعي
لقد شاء الله ان يؤيد رسوله الكريم بالقرآن الذي شحن بالتعاليم السامية والمعاني الرفيعة التي تكفل مع ما اودع الله في الانسان من استعداد تكويني ونفسي على حمل الرسالة بكل تفرعاتها والقيام بأعبائها والجهاد في سبيل نشرها ودعوة الناس الى اتباعها بروح مرنة وقلب كبير وعقل متفتح واع . ان يحاورهم بصدر رحب بعيدا عن الشدة والعنف . وبالعلم وحده اراد الله ان يُعرف ، وبأداة العلم عنيت العقل السليم ، وآفة الانسان الجهل، وهو سبب التخلف والتردي وتحكم الغريزة لذلك كانت بداية العلاقة بين الله والانسان* إقرأ *العلق (1)
وهذه الكلمة السحرية التي قلبت الموازين وهي السلاح لقلب المعادلات، والاقتحام على الاخر، ليس سوها من اسلحة فتك، فالعقيدة هي الشئ الوحيد التي لايمكن ان تفرضه على الاخرين قهرا.
من منطلق الايمان بأن الدعوة الإلهية شاملة لجميع نوحي الحياة ولما فيها من احياء النفوس وتغذية للروح بنعم الله فتصح بها العقول وتنشط وتستيقظ الضمائر ويرجع الانسان الى فطرته.
فحينما نبلّغ اونعلّم او نرشد الى هذه الدعوة ليس بدافع تكثير الاتباع وزيادة عدد الموالين كما اونوعا * فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فانما يضل عليها*الزمر (41) .
ان إيماننا بالرسالة الاسلامية منهج حياة، ونظاماً عالمياً صالحاَ لكل البشر، في كل زمان ومكان _ دستور حياة متكامل _ يجعلنا مقتنعين بأن له القدرة على ذلك، ولديه آلية كفوئة لادارة حياة الناس اينما وجدوا بافضل ما يمكن.
فمن هنا وارتكازا على مسؤلية الجميع عن نشر الاخلاق، وان اساس وجود الفرد، وعهده مع الله ان يكون داعية خير.
كان التعليم الديني اولا لتثقيف المسلمين، ولتنوير غيرهم ثانيا.
ففي مجتمع متعدد الاديان سليم ومعاف من امراض التعصب البغيض، يمكننا فقط ان نجد جوا مواتيا لتبادل المعلومات والمعرفة حول دين الاخر.
فضمن هذه الخطوط والاطار يجري طرحنا فيما يختص بالتعليم الديني،
منفتحتين مندفعين اذا وجدنا ارضية واستعداد لسماع ما لدينا، ونحجم وننكفئ مكتفين بذاتنا ان احجم الاخرون.
الدين
نعتقد بأن الدين هو مجموعة قيم انسانية اخلاقية تربوية، وأداة بالتالي لرقي الانسان الى أعلى مصاف الكمال الانساني، وما الشعائر التي نمارسها الا سلم للوصول الى ذلك الهدف دنيويا، وما وُعدنا به اخرويا وهذا ليس محل البحث. فعن رسول الله محمد (ًص) قال :* انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق *
وهذا هو المطلب الرئيسي من التعليم او التربية او التبليغ ( التبشير ) الديني.
والذي يظهر قيمة الدين وعظمته هو الفهم والتطبيق الدقيق لمعانيه ومفاهيمه. اذ الدين ليس مجرد طقوس عبادية خاصة يؤديها المؤمن لربه بالخفاء او بالمسجد بعيداً عن الانظار، وكذلك ليس مجرد مجموعة من الشعارات والطروحات والاراء والمتون المودعة بطون ومطاوي الكتب، وعقول بعض الاخيار من الفقهاء فحسب، اذ لاقيمة لها كدين اذا ما ظلت طي الكتمان ولم يعمل بها.
ومن هنا وعلى هذا الاساس قامت الحوزة العلمية ( الجامعات الدينية ) بتخريج المثقفين دينياً ورسالياً ليلبسونه الناس حلى موشاة.
ومن حيث المبدأ لا يوجد طرح خاص لدينا كمسلمين تجاه مجتمع متعدد الاديان وطرح اخر خاص بمجتمع احادي الدين، فطرحنا واحد ولكن تختلف الطريقة والاسلوب فيما لو كان المتلقي للعلوم مسلما او متعددا.
اما بخصوص التعليم الديني في المدارس المختلطة دينيا او غيرها كان المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى ولا يزال ومنذ تاسيسه يصر على الزامية التعليم الديني في المدارس وان يكون مادة رئيسية يمتحن الطالب بها أسوة بباقي المواد العلمية.
لأن التربية والتعليم عملية تكامل بين جميع العلوم تهدف الى بناء كامل شخصية الفرد الذي يؤلف الجماعة، وهذه الشخصية تبقى ناقصة ومفتقرة لأهم معيرها وضوابطها اذا ما ركزنا على الجانب العلمي فقط في مراحل التعليم، دون الالتفات الى الجانب الروحي الاخلاقي المكمل بل هو ضابطة للتهور العلمي المادي.
فالتعليم الديني يكسب المتعلم معارفاً ومفاهيماً وسلوكاً اخلاقياً يمارس من خلاله الحياة بانضباط وفق معايير اجتماعية عالية.
التعليم الديني اساس في التنشئة الوطنية والتربية المدنية لانه لا أن يبني المواطن الصالح الا على تلك القيم التي يزخر بها الدين.
ويرتدي التعليم الديني في لبنان اهميته من حيث ان الدين يوحد والطائفية والتحزب تفرقان.
اننا في لبنان اليوم بالتحديد بامس الحاجة في هذا الجو الذي يعاد شحنه طائفياً الى طرح التعليم الديني المتعدد لكي يبرز المتعلم اهمية ان يكون لبنان متعدد الاديان والطوائف ، وان التنوع مصدر غنى ثقافي ومعرفي وانساني وحضاري، ان احترام الديانات السماوية واجب ديني بل فرض ولا بد من المعرفة وبتالي فإن الانسان عدو ما جهل.
ومن ذلك تبرز الاهمية لمعرفة دين الاخر وهي المدماك الاساس في بناء لبنان الغد ولايتم ذلك الا بادخال التعليم الديني وجعله جزء من المنهجية الجديدة التي اغفلت او تغافلت على ما يبدو هذا الجانب.
فقد اخطأت الدولة حين الغت التعليم الديني او الزاميته، بالمقابل تغذت كما ذكرت العصبيات الطائفية التي هي اجدر ان تلغى، وان يبقى الدين معززا للعيش المشترك وضمانا للسلم الاهلي.
والطائفية هي المشكلة الاساس في لبنان وليس الدين، فالطائفية بيد رجال السياسة يسخرونها لمآربهم السياسية سيفا يسلطونه على اخصامهم وورقة انتخابية رابحة وخاضوا على اساسها حروبا وكان اطفائيوا هذه الحروب رجال الدين ومؤسساتهم الدينية لا اندية السياسة التابعة لرجال الطوائف.
قامت عدة محاولات لانشاء تعليم ديني موحد يقوم على التركيز على المبادئ الوطنية التي تطرحها وتحث عليه الاديان الا ان ذلك لم يكتب له النجاح، ومرد ذلك لكون المطروح ليس تعليما دينيا ولا يؤدي المطلوب وهو اشبه بمادة التربية المدنية.
هناك طروحات اخرى جرى تداولها حاليا وبشكل جاد بجعل مادة التعليم الديني مادة اساسية في صلب المنهاج التعليمي الثانوية من خلال وضع كتاب موحد تشترك بوضعه لجان عن مختلف الاديان والمذاهب يهدف الى اطلاع هؤلاء الشبان والشابات الناضجين فكريا على دين وعقيدة الاخر.
وطرح اخر يقوم على مبدأ صياغة القيم الدينية المشتركة والمفاهيم العامة الاساسية باعداد الكوادر التعليمية اللازمة لتدرس المادة باسلوب تعليمي تثقيفي لا تبشيري عقائدي يؤدي الى فهم الاخر كما هو دون ان يتلقاه باسلوب تحريضي من قبل دعاة السوء الذين يستغلون الدين للتحريض والفتنة.
ختاما
ان التعليم الديني من وجهة النظر الاسلامية يخلق انسانا متميزا يتمتع بوازع ديني داخلي وبشعور قوي او ضمير ووجدان حي يميز بين الحلال والحرام بين الحق والباطل ويعرف معنى الواجب والمستحب والمكروه والخير والشر.
ان هذا اساس بناء المواطن الصالح قبل بناء الموالي المطيع او المؤمن التقي ومن هنا التأكيد على علاقة التكامل بين مادة التربية الدينية وسائر المواد التعليمية الاخرى ضمن المنهاج التربوي العام وبالتالي نكون نعد لبناء شخصية الفرد والجماعة، فالتربية الدينية تطال حياة المتعلم اليومية في صحته وغذائه ونظافة جسده وملبسه وعلاقته بالاخرين وعلاقته بالغيب كما الطبيعة والبيئة والحيوان، وهي تعمق احترام المتعلم للقيم من خلال الشعور العام الديني والايمان القوي وبالالتزام بهذه القيم وبما يصاحبها من رضا وقناعة او شعور بالاثم والمعصية يزداد احترام الانسان للانسان وللحياة ولكل ما في الكون مم خلق الله وسخر لخدمة سعادة الانسان.
ان التعليم الديني في هذا الزمن الطافح بالشرور والانحلال الخلقي وتفسخ القيم القادم من شتى انحاء العالم بكل الوسائط المباشرة او غيرها في زمن ما يسمي بالعولمة ومقولة الكون قرية صغيرة وكل ذلك دون حسيب او رقيب تقتحم علينا بيوتنا واسرنا افراد وجمعات بكل ما تحمل من اغرائات مهددة الكيان والمجتمع.
وفي ظل تلك العولمة المزعومة دون ضوابط او رقابة الزاحفة بكل ثقلها لمسح الهوية الثقافية لكل الشعوب بما فيها نحن لتحل محلها ثقافة هجينة تحولنا الى اسوء انواع المستهلكين والمستعمرين فكريا.
اننا في هذا الزمن وهذا الصدد لا نملك حيال ذلك الا التمسك بالهوية الدينية والالتصاق بها بقيمها الحقيقية السامية كي لانجرف مع الارهابيين...
معهد الدراسات الاسلامية المسيحية
الحلقة الدراسية حول التربية على التعايش من خلال التعليم الديني
المدرسي
التعليم الديني في مجتمع متعدد الاديان
السيد مهدي الامين
طروحات الفكر الشيعي في لبنان حول مسألة التعليم الديني في مجتمع
متعدد الاديان
بيروت2002
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى
* قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون *ال عمران 64
وقال تعالى
* يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم *الحجرات 13
انطلاقاً من هاتين الآيتين والنصيين الشرعيين الملزمين حدد الله تعالى لنا العلاقة كمسلمين مع اهل الكتاب (النصارى واليهود والمجوس ) الاية الاولى نصت على عبادة الله الواحد وانه ربنا جميعا وهو إله واحد وليس آلهة متعددة * وما كان معه من إله اذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون*المؤمنون 91
وحددت الاية الثانية شكل العلاقة المحلية والعالمية التي تحكم كافة الناس.وتضبط – مستبطنه - العلاقة بين البشروالطبيعة بكل مافيها.
ومن هذا المنطلق وتحت هذه العناوين نحدد رؤيتنا وطروحاتنا في كل العلاقات الانسانية مع الاخرين من شتى جوانبها المتعددة .وما التعليم الديني محل بحثنا الا واحد من تلك العناوين .
مدخل
قبل الخوض غمار البحث لا بد من مدخل يفضى الى ارساء قواعد اثبت لموضوعنا من الناحية العملية ان اردنا ان لا نعتمد التنظير فحسب .
التعليم الديني في مجتمع متعدد وقائم على هذه التعددية .
ذهب البعض الى اعتبار التعددية ميزة كبرى وعلامة فارقة وسر قوه في مجتمعنا اللبناني . وقد يكون هناك مجتمعات اخرى اكثر تعددية منا وتحتضن اكثر منا طوائف ومذاهب واعراق مختلفة ، الا ان المميز في مجتمعنا أننا في رقعة ارض صغيرة وفي منطقة هامة من العالم ، وسطاً بين العالم القديم والجديد ونشكل حلقة وصل وتعاون لا غنى عنه . بخلاف ما ذكرنا من تعدديات اخرى تتباعد جغرافيا وتستقل بنحو ما احدها عن الاخرى.
ولفهم الاخر ولتفعيل هذه التعددية ولتفعيلها ونزع منها فتيل التفجير المتنقل عبر الاجيال، لا بد من معرفة الاخر ولو على نحو الاجمال فبالمعرفة تتكتشف طرق التعامل الصحيح وتقرب ما بين المتباعدين تعدديا المتشابهين انسانياً.
فإلى أن وصلنا الى هذه الدرجة من الصراحة والتفاهم وصرنا بكل جرأة نطرح سويا مسائلنا الخاصة كالتعليم الديني المشترك ، فإنا بذلك نكون قد قطعنا شوطاً كبيراً جداً ونوعياً وهاماً في هذا المجال ، وما هذا اللقاء اليوم ضمن حلقة علمية بحثية الا نتيجة لما كابده السلف في العقود الماضية متصلا بنا من العناء حتى وصلنا نحن الى ـ الطاولة المستديرة هذه – لقد دفع لهذا ولما هو ارقى منه في المستقبل ان شاء الله اثمانا باهظة.
وبما ان التعليم الديني ليس عملية افراغ شحنة معلومات في ذهن الاخر. وايضا هنا ـ وليس اطالة ـ انما في سبيل الفهم الاشمل ومن باب الاحاطة بالموضوع، وما ذهبت اليه في كلاماتي السابقة ، استند الى ما ذهب اليه الامام المقدس الشيخ محمد مهدي شمس الدين في تقسيمه للمراحل التي مرت بها دعوة الاخرين الى دين الاخر ومحاورتهم، وذلك في القرون والعقود الماضية، والامس القريب، وآنياً في بعض المناطق من العالم.
أولا: حوار السيف، وسببه عدوان الكتابيين مسيحيين ويهود على المسلمين من جهة، وخطأ المسلمين من جهة اخرى. تمثل بغزوات متبادلة لاكتساح اراضي ومناطق نفوذ الاخر وفرض المعتقد بالقوة. نماذجه فتح اوروبا، الغزوات الصليبة، فتح الاندلس والجلاء عنها وغيره...
ثانيا: حوار اللاهوت، او التنصير من قبل المسيحيين للمسلمين وأسلمت المسيحين من قبل المسلمين، البعثات التبشيرية المسيحية الى اطراف اسلامية وكذلك الدعاة المسلمين من تجار ودعاة الى اماكن نصرانية وغيرها.
ثالثاً حوار الحياة وهو المطلوب وهو ما يجري الان على الاقل.
هنا محل الاية الكريمة اذ لدينا قاسم مشترك الا وهو التراث الابراهيمي الذي تشترك به الديانات الثلاث الكبرى المسيحية والاسلام واليهودية ويمكن ان يكون مرتكز انطلاق وقاعدة سليمة ان - لم نجد - للتفاهم والحوار.
ولقد كانت هذه العناوين الثلاث حاضرة بين المسلمين كمذاهب وفرق وأخذ الحوار نفس المنحني ايضا انما على قاعدة التكفير وبالتالي اراقة الدماء سبيلا للفرض والاستعلاء ، حيث يغيب الحوار العقلاني المباشر.
اما ما يجمع بين المسلمين كطوائف ومذاهب وفرق ونحل، قواسم مشتركة كثيرة وكليات كبرى وتفاصيل ايضا كبرى اصلها واحد، انما الاختلاف بينها في تفاصيل مشتركة صغرى وليست جوهرية بطبيعتها كانت وليدة للتطرف والغلو بعض الشئ.
لست هنا في صدد الدعوة للوحدة بين المذاهب، ولا بين الاديان ـ فهذا ارث حضاري هام وخاصة في لبنان ـ بل الدعوة الى اخذ الجزء الابراهيمي المشترك بيننا كاديان القائم على مبدأ التوحيد ومبني على احترام عقلية الاخر على العكس من حوار اللاهوت، بأن احتفظ بخوصيتي واحترم خصوصيات وهوية المذاهب الاخرى على العكس من حوارية التكفير.
ونخلص الى نتيجة مفادها: لا اريد تشييع السني ولا اسلمت المسيحي ولا العكس، فمصلحتي اذا ومصلحته تقضي ان يتعلم ماعندي واتعلم ما عنده حتى يصبح بالمقدور لعيش مشترك كريم ان ينمو ويترعرع انطلاقا من فهم الاخر.
وبالواقع هذا ما يكرسه ويدعو اليه الاسلام بكل تجرد، وان كان هناك في ارض الواقع خلاف ما ادعي وان الموجود على الارض لا يعني انني لست صادقا في دعواي. فالاسلام بخلاف ذلك.
علما ان الدين – اي دين – لم يكن في يوم من الايام داعية فتنة وقتال وان كان كذلك فهو ليس من الله في شئ.
ومثله ما يحدث اوحدث في اكثر من بقعة من بقاع العالم سواء اكان متحضرا او متخلفا ذا دين سماوي او وثني.
ففي العالم العربي (الجزائر مصر) العالم الاسلامي (افغانستان كشمير) ام الغربي( إرلندا والبوسنة) ام في المجتمعات غير المتحضرة والتي لا تدين بدين سماوي بل معتقدات وثنية بين القبائل الافريقية في( روندا مثلا بين قبائل التوتسي والهوتو) وغيرهم.
برأيي ان هذه الصراعات ليست اكثر من تجارة وغباء ولن اقول جهل بل ان اصحابها يعلمون جيدا ما يقترفون ولكن كل ما أُريد له ان يحل بالعنف يمكن ان يحل بالسلم قطعا وبالحوار ولكن هناك تعصب بغيض مدروس ينفس بالقتل، ناهيك عن كون هذه الصراعات والحروب المتنقلة هي تجارة لسماسرة الحروب، فلا يوجد اي دافع ديني حقيقي ورائها، وان زعم اصحابها ذلك، انما البست لبوس الدين لتشريعها وكسب التعاطف والتأييد المحلي العصبي. بالرغم من انه لا يوجد اي تشريع او نص ديني على الاطلاق يبرر ذلك ويدعو الى تخيير الاخر بالانضواء ضمن دينه او القتل.
انها النرجسية والانانية والاحقاد وضيق الافق والصدر لاستيعاب بعضنا والعيش معا بسلام ووئام وقبول الاخر كما هو، شريكاً في الحياة والانسانية.
ورد في القرآن: * يا ايها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير *الحجرات (13).
منطلق الطرح الشيعي
لقد شاء الله ان يؤيد رسوله الكريم بالقرآن الذي شحن بالتعاليم السامية والمعاني الرفيعة التي تكفل مع ما اودع الله في الانسان من استعداد تكويني ونفسي على حمل الرسالة بكل تفرعاتها والقيام بأعبائها والجهاد في سبيل نشرها ودعوة الناس الى اتباعها بروح مرنة وقلب كبير وعقل متفتح واع . ان يحاورهم بصدر رحب بعيدا عن الشدة والعنف . وبالعلم وحده اراد الله ان يُعرف ، وبأداة العلم عنيت العقل السليم ، وآفة الانسان الجهل، وهو سبب التخلف والتردي وتحكم الغريزة لذلك كانت بداية العلاقة بين الله والانسان* إقرأ *العلق (1)
وهذه الكلمة السحرية التي قلبت الموازين وهي السلاح لقلب المعادلات، والاقتحام على الاخر، ليس سوها من اسلحة فتك، فالعقيدة هي الشئ الوحيد التي لايمكن ان تفرضه على الاخرين قهرا.
من منطلق الايمان بأن الدعوة الإلهية شاملة لجميع نوحي الحياة ولما فيها من احياء النفوس وتغذية للروح بنعم الله فتصح بها العقول وتنشط وتستيقظ الضمائر ويرجع الانسان الى فطرته.
فحينما نبلّغ اونعلّم او نرشد الى هذه الدعوة ليس بدافع تكثير الاتباع وزيادة عدد الموالين كما اونوعا * فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فانما يضل عليها*الزمر (41) .
ان إيماننا بالرسالة الاسلامية منهج حياة، ونظاماً عالمياً صالحاَ لكل البشر، في كل زمان ومكان _ دستور حياة متكامل _ يجعلنا مقتنعين بأن له القدرة على ذلك، ولديه آلية كفوئة لادارة حياة الناس اينما وجدوا بافضل ما يمكن.
فمن هنا وارتكازا على مسؤلية الجميع عن نشر الاخلاق، وان اساس وجود الفرد، وعهده مع الله ان يكون داعية خير.
كان التعليم الديني اولا لتثقيف المسلمين، ولتنوير غيرهم ثانيا.
ففي مجتمع متعدد الاديان سليم ومعاف من امراض التعصب البغيض، يمكننا فقط ان نجد جوا مواتيا لتبادل المعلومات والمعرفة حول دين الاخر.
فضمن هذه الخطوط والاطار يجري طرحنا فيما يختص بالتعليم الديني،
منفتحتين مندفعين اذا وجدنا ارضية واستعداد لسماع ما لدينا، ونحجم وننكفئ مكتفين بذاتنا ان احجم الاخرون.
الدين
نعتقد بأن الدين هو مجموعة قيم انسانية اخلاقية تربوية، وأداة بالتالي لرقي الانسان الى أعلى مصاف الكمال الانساني، وما الشعائر التي نمارسها الا سلم للوصول الى ذلك الهدف دنيويا، وما وُعدنا به اخرويا وهذا ليس محل البحث. فعن رسول الله محمد (ًص) قال :* انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق *
وهذا هو المطلب الرئيسي من التعليم او التربية او التبليغ ( التبشير ) الديني.
والذي يظهر قيمة الدين وعظمته هو الفهم والتطبيق الدقيق لمعانيه ومفاهيمه. اذ الدين ليس مجرد طقوس عبادية خاصة يؤديها المؤمن لربه بالخفاء او بالمسجد بعيداً عن الانظار، وكذلك ليس مجرد مجموعة من الشعارات والطروحات والاراء والمتون المودعة بطون ومطاوي الكتب، وعقول بعض الاخيار من الفقهاء فحسب، اذ لاقيمة لها كدين اذا ما ظلت طي الكتمان ولم يعمل بها.
ومن هنا وعلى هذا الاساس قامت الحوزة العلمية ( الجامعات الدينية ) بتخريج المثقفين دينياً ورسالياً ليلبسونه الناس حلى موشاة.
ومن حيث المبدأ لا يوجد طرح خاص لدينا كمسلمين تجاه مجتمع متعدد الاديان وطرح اخر خاص بمجتمع احادي الدين، فطرحنا واحد ولكن تختلف الطريقة والاسلوب فيما لو كان المتلقي للعلوم مسلما او متعددا.
اما بخصوص التعليم الديني في المدارس المختلطة دينيا او غيرها كان المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى ولا يزال ومنذ تاسيسه يصر على الزامية التعليم الديني في المدارس وان يكون مادة رئيسية يمتحن الطالب بها أسوة بباقي المواد العلمية.
لأن التربية والتعليم عملية تكامل بين جميع العلوم تهدف الى بناء كامل شخصية الفرد الذي يؤلف الجماعة، وهذه الشخصية تبقى ناقصة ومفتقرة لأهم معيرها وضوابطها اذا ما ركزنا على الجانب العلمي فقط في مراحل التعليم، دون الالتفات الى الجانب الروحي الاخلاقي المكمل بل هو ضابطة للتهور العلمي المادي.
فالتعليم الديني يكسب المتعلم معارفاً ومفاهيماً وسلوكاً اخلاقياً يمارس من خلاله الحياة بانضباط وفق معايير اجتماعية عالية.
التعليم الديني اساس في التنشئة الوطنية والتربية المدنية لانه لا أن يبني المواطن الصالح الا على تلك القيم التي يزخر بها الدين.
ويرتدي التعليم الديني في لبنان اهميته من حيث ان الدين يوحد والطائفية والتحزب تفرقان.
اننا في لبنان اليوم بالتحديد بامس الحاجة في هذا الجو الذي يعاد شحنه طائفياً الى طرح التعليم الديني المتعدد لكي يبرز المتعلم اهمية ان يكون لبنان متعدد الاديان والطوائف ، وان التنوع مصدر غنى ثقافي ومعرفي وانساني وحضاري، ان احترام الديانات السماوية واجب ديني بل فرض ولا بد من المعرفة وبتالي فإن الانسان عدو ما جهل.
ومن ذلك تبرز الاهمية لمعرفة دين الاخر وهي المدماك الاساس في بناء لبنان الغد ولايتم ذلك الا بادخال التعليم الديني وجعله جزء من المنهجية الجديدة التي اغفلت او تغافلت على ما يبدو هذا الجانب.
فقد اخطأت الدولة حين الغت التعليم الديني او الزاميته، بالمقابل تغذت كما ذكرت العصبيات الطائفية التي هي اجدر ان تلغى، وان يبقى الدين معززا للعيش المشترك وضمانا للسلم الاهلي.
والطائفية هي المشكلة الاساس في لبنان وليس الدين، فالطائفية بيد رجال السياسة يسخرونها لمآربهم السياسية سيفا يسلطونه على اخصامهم وورقة انتخابية رابحة وخاضوا على اساسها حروبا وكان اطفائيوا هذه الحروب رجال الدين ومؤسساتهم الدينية لا اندية السياسة التابعة لرجال الطوائف.
قامت عدة محاولات لانشاء تعليم ديني موحد يقوم على التركيز على المبادئ الوطنية التي تطرحها وتحث عليه الاديان الا ان ذلك لم يكتب له النجاح، ومرد ذلك لكون المطروح ليس تعليما دينيا ولا يؤدي المطلوب وهو اشبه بمادة التربية المدنية.
هناك طروحات اخرى جرى تداولها حاليا وبشكل جاد بجعل مادة التعليم الديني مادة اساسية في صلب المنهاج التعليمي الثانوية من خلال وضع كتاب موحد تشترك بوضعه لجان عن مختلف الاديان والمذاهب يهدف الى اطلاع هؤلاء الشبان والشابات الناضجين فكريا على دين وعقيدة الاخر.
وطرح اخر يقوم على مبدأ صياغة القيم الدينية المشتركة والمفاهيم العامة الاساسية باعداد الكوادر التعليمية اللازمة لتدرس المادة باسلوب تعليمي تثقيفي لا تبشيري عقائدي يؤدي الى فهم الاخر كما هو دون ان يتلقاه باسلوب تحريضي من قبل دعاة السوء الذين يستغلون الدين للتحريض والفتنة.
ختاما
ان التعليم الديني من وجهة النظر الاسلامية يخلق انسانا متميزا يتمتع بوازع ديني داخلي وبشعور قوي او ضمير ووجدان حي يميز بين الحلال والحرام بين الحق والباطل ويعرف معنى الواجب والمستحب والمكروه والخير والشر.
ان هذا اساس بناء المواطن الصالح قبل بناء الموالي المطيع او المؤمن التقي ومن هنا التأكيد على علاقة التكامل بين مادة التربية الدينية وسائر المواد التعليمية الاخرى ضمن المنهاج التربوي العام وبالتالي نكون نعد لبناء شخصية الفرد والجماعة، فالتربية الدينية تطال حياة المتعلم اليومية في صحته وغذائه ونظافة جسده وملبسه وعلاقته بالاخرين وعلاقته بالغيب كما الطبيعة والبيئة والحيوان، وهي تعمق احترام المتعلم للقيم من خلال الشعور العام الديني والايمان القوي وبالالتزام بهذه القيم وبما يصاحبها من رضا وقناعة او شعور بالاثم والمعصية يزداد احترام الانسان للانسان وللحياة ولكل ما في الكون مم خلق الله وسخر لخدمة سعادة الانسان.
ان التعليم الديني في هذا الزمن الطافح بالشرور والانحلال الخلقي وتفسخ القيم القادم من شتى انحاء العالم بكل الوسائط المباشرة او غيرها في زمن ما يسمي بالعولمة ومقولة الكون قرية صغيرة وكل ذلك دون حسيب او رقيب تقتحم علينا بيوتنا واسرنا افراد وجمعات بكل ما تحمل من اغرائات مهددة الكيان والمجتمع.
وفي ظل تلك العولمة المزعومة دون ضوابط او رقابة الزاحفة بكل ثقلها لمسح الهوية الثقافية لكل الشعوب بما فيها نحن لتحل محلها ثقافة هجينة تحولنا الى اسوء انواع المستهلكين والمستعمرين فكريا.
اننا في هذا الزمن وهذا الصدد لا نملك حيال ذلك الا التمسك بالهوية الدينية والالتصاق بها بقيمها الحقيقية السامية كي لانجرف مع الارهابيين...
No comments:
Post a Comment