(باب صفة النار) عن الامام الباقر عليه السلام قال: إذا أراد الله قبض روح الكافر قال: ياملك الموت انطلق أنت و أعوانك إلى عدوي، فإني قد ابتليته فأحسنت البلاء، ودعوته إلى دار السلام فأبى إلا أن يشتمني، وكفر بي وبنعمتي، وشتمني على عرشي فاقبض روحه حتى تكبه في النار، قال: فيجيئه ملك الموت بوجه كريه كالح، عيناه كالبرق الخاطف، صوته كالرعد القاصف، لونه كقطع الليل المظلم، نفسه كلهب النار رأسه في السماء الدنيا ورجل في المشرق و رجل في المغرب، وقدماه في الهواء معه سفود كثير الشعب، معه خمسمائة ملك معهم سياط من قلب جهنم، تلتهب تلك السياط وهي من لهب جهنم، ومعهم مسح أسود وجمرة من جمر جهنم، ثم يدخل عليه ملك من خزان جهنم يقال له: سحقطائيل فيسقيه شربة من النار، لا يزال منها عطشانا حتى يدخل النار، فإذا نظر إلى ملك الموت شخص بصره وطار عقله، قال: ياملك الموت ارجعون، قال: فيقول ملك الموت:
" كلا إنها كلمة هو قائلها " قال: فيقول: ياملك الموت فإلى من أدع مالي وأهلي وولدي وعشيرتي وما كنت فيه من الدنيا فيقول: دعهم لغيرك واخرج إلى النار، وقال: فيضربه بالسفود ضربة فلا يبقى منه شعبة إلا أنشبها في كل عرق ومفصل، ثم يجذبه جذبة فيسل روحه من قدميه بسطا فإذا بلغت الركبتين أمر أعوانه فأكبوا عليه بالسياط ضربا، ثم يرفعه عنه فيذيقه سكراته وغمراته قبل خروجها، كأنما ضرب بألف سيف، فلو كان له قوه الجن والانس لاشتكى كل عرق منه على حياله بمنزلة سفود كثير الشعب القي على صوف مبتل، ثم يطوقه فلم يأت على شئ إلا انتزعه، كذلك خروج نفس الكافر من عرق وعضو ومفصل وشعرة، فإذا بلغت الحلقوم ضربت الملائكة وجهه ودبره وقيل: " أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون " وذلك قوله: " يوم يرون الملائكة لابشرى يومئذ للمجرمين" ، قال: فمن شدة صيحته، يلوذ الحيتان بالطين وينفر الوحش في الخياس ولكنكم لا تعلمون قال: ثم يسلط عليه حيتين سوداوتين زرقاوتين تعذبانه بالنهار خمس ساعات وبالليل ست ساعات لانه كان يستخفي من الناس ولا يستخفي من الله فبعدا لقوم لا يؤمنون، قال: ثم يسلط الله عليه ملكين أصمين أعميين معهما مطرقتان من حديد من نار، يضربانه فلا يخطئانه ثم يقال له: اقرء كتابك، قال: فيقول: أيها الملك كيف أقرء وجهنم أمامي؟ قال: فيقول الله: دق عنقه واكسر صلبه وشد ناصيته إلى قدميه، ثم يقول: خذوه فغلوه قال: فيبتدره لتعظيم قول الله سبعون ألف ملك غلاظ شداد، فمنهم من ينتف لحيته، ومنهم من يحطم عظامه قال: فيقول: أما ترحموني؟ قال: فيقولون: ياشقي كيف نرحمك ولا يرحمك أرحم الراحمين، أفيؤذيك هذا؟ قال: فيقول: أشد الاذى، قال: فيقولون: ياشقي وكيف لو قد طرحناك في النار؟ قال: فيدفعه الملك في صدره دفعة فيهوى سبعين ألف عام قال: فيقولون: " ياليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول " قال: فيقرن معه حجر عن يمينه وشيطان عن يساره، حجر كبريت من نار، يشتعل في وجهه ويخلق الله له سبعين جلدا كل جلد غلظته أربعون ذراعا بذراع الملك الذي يعذ به وبين الجلد لى الجلد أربعون ذراعا وبين الجلد إلى الجلد حيات وعقارب من نار وديدان من نار رأسه مثل الجبل العظيم، وفخذاه مثل جبل ورقان- وهو جبل بالمدينة - مشفره أطول من مشفر الفيل، فيسحبه سحبا واذناه عضوضان بينهما سرادق من نار تشتعل، قد أطلعت النار من دبره على فؤاده، فلا يبلغ درين سامهما حتى يبدل له سبعون سلسلة للسلسلة سبعون ذراعا، ما بين الذراع إلى الذراع حلق عدد القطر والمطر، لو وضعت حلقة منها على جبال الارض لاذابتها، قال: وعليه سبعون سربالا من قطران من نار، وتغشي وجوههم النار، وعليه قلنسوة من نار، وليس في جسده موضع فتر إلا وفيه حلقة من نار، وفي رجليه قيود من نار، على رأسه تاج ستون ذراعا من نار، قد نقب رأسه ثلاث مائة وستين نقبا، يخرج من ذلك النقب الدخان من كل جانب وقد غلى منها دماغه حتى يجري على كتفيه يسيل منها ثلاث مائة نهر وستون نهرا من صديد، يضيق عليه منزله كما يضيق الرمح في الزج، فمن ضيق منازلهم عليهم ومن ريحها وشدة سوادها وزفيرها وشهيقها وتغيظها ونتنها، اسودت وجوههم، وعظمت ديدانهم فينبت لها أظفار كأظفار السنور والعقبان تأكل لحمه، وتقرض عظامه، وتشرب دمه، ليس لهن مأكل ولا مشرب غيره. ثم يدفع في صدره دفعة فيهوي على رأسه سبعين ألف عام حتى يواقع الحطمة" وما ادراك ما الحطمة" فإذا واقعها دقت عليه وعلى شيطانه وجاذبه الشيطان بالسلسلة كلما وقع رأسه نظر إلى قبح وجهه، كلح في وجهه، قال: فيقول: " ياليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين " ويحك بما أغويتني أحمل عني من عذاب الله من شئ فيقول: ياشقي كيف أحمل عنك من عذاب الله من شئ وأنا وأنت اليوم في العذاب مشتركون. ثم يضرب على رأسه ضربة فيهوي سبعين ألف عام حتى ينتهي إلى عين يقال لها: آنية يقول الله تعالى: " تسقى من عين آنية " وهي عين ينتهي حرها وطبخها وأوقد عليها مذ خلق الله جهنم، كل أودية النار تنام وتلك العين لا تنام من حرها وتقول الملائكة: يامعشر الاشقياء ادنوا فاشربوا منها، فإذا أعرضوا عنها ضربتهم الملائكة بالمقامع، و قيل لهم: " ذوقوا عذاب الحريق ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد ". ثم يضرب على رأسه ضربة فيهوي سبعين ألف عام حتى ينتهي إلى شجرة الزقوم " شجرة تخرج في أصل الجحيم * طلعها كأنه رؤس الشياطين " عليها سبعون ألف غصن من نار في كل غصن سبعون ألف ثمرة من نار، كل ثمرة كأنها رأس الشيطان قبحاً ونتناً تنشب على صخرة مملسة سوخاء كأنها مرآة زلقة، بين أصل الصخرة إلى الصخرة سبعون ألف عام، وأغصانها تشرب من نار، ثمارها نار، وفروعها نار، فيقال له: ياشقي اصعد، فكلما صعد زلق، وكلما زلق صعد، فلا يزال كذلك سبعين ألف عام في العذاب، وإذا أكل منها ثمرة يجدها أمر من الصبر، وأنتن من الجيف، وأشد من الحديد، فإذا واقعت بطنه غلت في بطنه كغلي الحميم، فيذكرون ما كانوا يأكلون في دار الدنيا من طيب الطعام، فبينا هم كذلك إذ تجذبهم الملائكة فيهوون دهرا في ظلم متراكبة، فإذا استقروا في النار سمع لهم صوت كصيح السمك على المقلى أو كقضيب القصب، ثم يرمى نفسه من الشجرة في أودية مذابة من صفر من نار وأشد حرا من النار تغلي بهم الاودية وترمي بهم في سواحلها، ولها سواحل كسواحل بحركم هذا، فأبعدهم منها باع والثاني ذراع والثالث فتر فتحمل عليهم هوام النار الحيات والعقارب كأمثال البغال الدلم لكل عقرب ستون فقارا، في كل فقار قلة من سم، وحيات سود زرق، مثال البخاتي، فيتعلق بالرجل سبعون ألف حية وسبعون ألف عقرب، ثم كب في النار سبعين ألف عام، لا تحرقه قد اكتفى بسمها، ثم تعلق على كل غصن من الزقوم سبعون ألف رجل، ما ينحني ولا ينكسر، فتدخل النار أدبارهم فتطلع على الافئدة.، تقلص الشفاه وتطير الجنان، تنضج الجلود وتذوب الشحوم. ويغضب الحي القيوم فيقول: يامالك قل لهم: ذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا، يامالك سعر سعر قد اشتد غضبي على من شتمني على عرشي واستخف بحقي وأنا الملك الجبار، فينادي مالك: يا أهل الضلال والاستكبار والنعمة في دار الدنيا كيف تجدون مس سقر؟ قال: فيقولون: قد أنضجت قلوبنا، وأكلت لحومنا، وحطمت عظامنا، فليس لنا مستغيث، ولا لنا معين، قال. فيقول مالك: وعزة ربي لا أزيدكم إلا عذابا، فيقولون: إن عذبنا ربنا لم يظلمنا شيئا، قال: فيقول ما لك: " فاعترفوا بذنبهم فسحقا لاصحاب السعير " يعني بعدا لاصحاب السعير. ثم يغضب الجبار فيقول: يامالك سعر سعر، فيغضب مالك فيبعث عليهم سحابة سوداء تظل أهل النار كلهم، ثم يناديهم فيسمعها أولهم وآخرهم وأفضلهم وأدناهم، فيقول: ماذا تريدون أن أمطركم؟ فيقولون: الماء البارد واعطشاه ! واطول هواناه؟ فيمطرهم حجارة وكلاليبا، وخطاطيفا، وغسلينا، وديدانا من نار، فينضج وجوههم وجباههم ويعمى أبصارهم ويحطم عظامهم، فعند ذلك ينادون واثبوراه ! فإذا بقيت العظام عوارى من اللحوم اشتد غضب الله فيقول: يامالك اسجرها عليهم كالحطب في النار، ثم يضرب أمواجها أرواحهم سبعين خريفا في النار، ثم يطبق عليهم أبوابها، من الباب إلى الباب مسيرة خمسمائة عام، وغلظ الباب مسيرة خمسمائة عام، ثم يجعل كل رجل منهم في ثلاث توابيت من حديد من النار بعضها في بعض، فلا يسمع لهم كلاما أبدا إلا أن لهم فيها شهيق كشهيق البغال، وزفير مثل نهيق الحمير، وعواء كعواء الكلاب، صم بكم عمي، فليس لهم فيها كلام إلا أنين، فيطبق عليهم أبوابها ويسد عليهم عمدها فلا يدخل عليهم روح أبدا، ولا يخرج منهم الغم أبدا، وهي عليهم مؤصدة ليس لهم الملائكة شافعون ولا من أهل الجنة صديق حميم، وينساهم الرب ويمحو ذكرهم من قلوب العباد فلا يذكرون أبدا. نستجير بالله من غضب الله.
No comments:
Post a Comment