فضل رسول الله محمد صلى الله عليه وآله على نبي الله عيسى عليه السلام.
أسئلة طرحها يهودي على أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام عن مدى فضل نبي الاسلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم على باقي أنبياء الله عليهم السلام.
واورد من الأسئلة والمعاجز التي جرت على ايديهم.
واجاب الأمير على أسئلته ورد على الفضائل بفضائل وانتهت المحاججة ... فتأمل.
قال له اليهودي: فإن هذا عيسى بن مريم يزعمون أنه تكلم في المهد صبيا
قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك.
ومحمد (صلى الله عليه وآله) سقط من بطن أمه واضعاً يده اليسرى على الارض، ورافعاً يده اليمنى إلى السماء يحرك شفتيه بالتوحيد.
وبدا من فيه نور رأى أهل مكة منه قصور بصرى من الشام وما يليها.
والقصور الحمر من أرض اليمن وما يليها.
والقصور البيض من إصطخر وما يليها.
ولقد أضاءت الدنيا ليلة ولد النبي (صلى الله عليه وآله) حتى فزعت الجن والانس والشياطين وقالوا: حدث في الارض حدث.
ولقد رئيت الملائكة ليلة ولد تصعد وتنزل وتسبح وتقدس.
وتضطرب النجوم وتتساقط علامة لميلاده.
ولقد هم إبليس بالظعن في السماء لما رأى من الا عاجيب في تلك الليلة.
وكان له مقعد في السماء الثالث.
والشياطين يسترقون السمع فلما رأوا الأعاجيب أرادوا أن يسترقوا السمع، فإذا هموا قد حجبوا من السماوات كلها و رموا بالشهب دلالة لنبوته (صلى الله عليه وآله).
قال له اليهودي: فإن عيسى يزعمون أنه قد أبرأ الأ كمه والأبرص بإذن الله عزوجل.
فقال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك.
ومحمد (صلى الله عليه واله) أعطي ما هو أفضل من ذلك.
أبرأ ذا العاهة من عاهته.
فبينما هو جالس (صلى الله عليه وآله) إذ سأل عن رجل من أصحابه فقالوا: يا رسول الله إنه قد صار من البلاء، كهيئة الفرخ لاريش عليه فأتاه (عليه السلام) فإذا هو كهيئة الفرخ من شدة البلاء،
فقال: قد كنت تدعو في صحتك دعاء ؟
قال: نعم، كنت أقول: يا رب أيما عقوبة معاقبي بها في الآخرة فعجلها لي في الدنيا.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ألا قلت: (اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ؟.
فقالها فكأنما نشط من عقال وقام صحيحاً وخرج معنا.
ولقد أتاه رجل من جهينة أجذم يتقطع من الجذام فشكا إليه (صلى الله عليه وآله) فأخذ قدحاً من ماء فتفل فيه ثم قال: إمسح به جسدك.
ففعل فبرئ ولم يوجد فيه شئ.
ولقد أتى أعرابي أبرص فتفل من فيه عليه فما قام من عنده إلا صحيحاً.
ولئن زعمت أن عيسى (عليه السلام) أبرأ ذوي العاهات من عاهاتهم.
فإن محمدا (صلى الله عليه وآله) بينما هو في بعض أصحابه إذا هو بامرأة فقالت: يارسول الله إن ابني قد أشرف على حياض الموت، كلما أتيته بطعام وقع عليه التثاؤب. فقام النبي (صلى الله عليه وآله) وقمنا معه فلما أتيناه قال له: جانب يا عدو الله ولي الله فأنا رسول الله، فجانبه الشيطان فقام صحيحاً وهو معنا في عسكرنا.
ولئن زعمت أن عيسى (عليه السلام) أبرأ العميان.
فإن محمدأ (صلى الله عليه وآله) قد فعل ما هو أكثر من ذلك.
إن قتادة بن ربعي كان رجلا صبيحاً فلما أن كان يوم احد أصابته طعنة في عينه فبدرت حدقته فأخذها بيده، ثم أتى بها النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله إن أمر أتي الآن تبغضني، فأخذها رسول الله (صلى الله عليه وآله) من يده ثم وضعها مكانها فلم تكن تعرف إلا بفضل حسنها وفضل ضوئها على العين الاخرى.
ولقد جرح عبد الله بن عتيك وبانت يده يوم ابن أبي الحقيق فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله ليلا فمسح عليه يده، فلم تكن تعرف من اليد الاخرى.
ولقد أصاب محمد بن مسلمة يوم كعب بن الاشرف مثل ذلك في عينه ويده، فمسحه رسول الله فلم تستبينا.
ولقد إصاب عبد الله بن أنيس مثل ذلك في عينه فمسحها فما عرفت من الاخرى.
فهذه كلها دلالة لنبوته (صلى الله عليه وآله).
قال له اليهودي: فإن عيسى بن مريم يزعمون أنه قد أحيى الموتى بإذن الله تعالى.
قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك.
ومحمد (صلى الله عليه وآله) سبحت في يده تسع حصيات تسمع نغماتها في جمودها ولاروح فيها لتمام حجة نبوته.
ولقد كلمته الموتى من بعد موتهم واستغاثوه مما خافوا من تبعته.
ولقد صلى بأصحابه ذات يوم فقال: ماههنا من بني النجار أحد وصاحبهم محتبس على باب الجنة بثلاثة دراهم لفلان اليهودي ؟ وكان شهيدا.
ولئن زعمت أن عيسى (عليه السلام) كلم الموتى فلقد كان لمحمد (صلى الله عليه وآله) ما هو أعجب من هذا.
إن النبي (صلى الله عليه وآله) لما نزل بالطائف وحاصر أهلها بعثوا إليه بشاة مسلوخة مطلية (مطبوخة بسم فنطق الذراع منها فقالت: يا رسول الله لا تأكلني فإني مسمومة، فلو كلمته البهيمة وهي حية لكانت من أعظم حجج الله عزوجل على المنكرين لنبوته، فكيف وقد كلمته من بعد ذبح وسلخ وشي.
ولقد كان (صلى الله عليه وآله) يدعو بالشجرة فتجيبه، وتكلمه البهيمة، وتكلمه السباع وتشهد له بالنبوة وتحذرهم عصيانه.
فهذا أكثر مما اعطي عيسى (عليه السلام).
قال له اليهودي: إن عيسى يزعمون أنه أنبأ قومه بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم. قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك.
ومحمد (صلى الله عليه وآله) فعل ما هو أكثر من هذا، إن عيسى (عليه السلام) أنبأ قومه بما كان من وراء حائط.
ومحمد (صلى الله عليه وآله) أنبأ عن مؤتة وهو عنها غائب، ووصف حربهم ومن استشهد منهم، وبينه وبينهم مسيرة شهر.
وكان يأتيه الرجل يريد أن يسأله عن شئ فيقول (صلى الله عليه وآله): تقول أو أقول ؟ فيقول: بل قل يا رسول الله فيقول: جئتني في كذا وكذا حتى يفرغ من حاجته.
ولقد كان (صلى الله عليه وآله) يخبر أهل مكة بأسرارهم بمكة حتى لا يترك من أسرارهم شيئا.
منها ماكان بين صفوان بن امية وبين عمير بن وهب إذا أتاه عمير فقال: جئت في فكاك ابني فقال له: كذبت بل قلت لصفوان وقد اجتمعتم في الحطيم وذكرتم قتلى بدر: والله للموت خير لنا من البقاء مع ما صنع محمد (صلى الله عليه وآله) بنا، وهل حياة بعد أهل القليب ؟
فقلت أنت: لولا عيالي ودين علي لارحتك من محمد
فقال صفوان: علي أن أقضي دينك وأن أجعل بناتك مع بناتي يصيبهن من خير أو شر. فقلت أنت: فاكتمها علي وجهزني حتى أذهب فأقتله،
فجئت لتقتلني
فقال: صدقت يا رسول الله،
فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله.
وأشباه هذا مما لا يحصى.
قال له اليهودي: فإن عيسى يزعمون أنه خلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله عز وجل.
فقال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك.
ومحمد (صلى الله عليه وآله) قد فعل ما هو شبيه بهذا أخذ يوم حنين حجرا فسمعنا للحجر تسبيحا وتقديساً.
ثم قال (صلى الله عليه وآله) للحجر: انفلق فانفلق ثلاث فلق، نسمع لكل فلقة منها تسبيحاً لا يسمع للاخرى.
ولقد بعث إلى شجرة يوم البطحاء فأجابته ولكل غصن منها تسبيح وتهليل وتقديس، ثم قال لها: انشقي فانشقت نصفين، ثم قال لها: التزقي فالتزقت، ثم قال لها: اشهدي لي بالنبوة فشهدت، ثم قال لها: ارجعي إلى مكانك بالتسبيح والتهليل والتقديس ففعلت، وكان موضعها بجنب الجزارين بمكة.
قال له اليهودي: فإن عيسى يزعمون أنه كان سياحاً.
فقال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) كانت سياحته في الجهاد، واستنفر في عشر سنين مالا يحصى من حاضر وباد، وأفنى فئاماً عن العرب من منعوت بالسيف، لا يداري بالكلام ولا ينام إلا عن دم، ولا يسافر إلا وهو متجهز لقتال عدوه.
قال له اليهودي: فإن عيسى يزعمون أنه كان زاهدا.
قال له علي (عليه السلام): لقد كان كذلك.
ومحمد (صلى الله عليه وآله) أزهد الأنبياء عليهم السلام كان له ثلاث عشرة زوجة سوى من يطيف به من الاماء ما رفعت له مائدة قط وعليها طعام، وما أكل خبز بر قط، ولاشبع من خبز شعير ثلاث ليال متواليات قط.
توفي ودرعه مرهونة عند يهودي بأربعة دراهم.
ما ترك صفراء ولا بيضاء مع ما وطئ له من البلاد ومكن له من غنائم العباد.
ولقد كان يقسم في اليوم الواحد ثلاث مائة ألف وأربعمائة ألف.
ويأتيه السائل بالعشي فيقول: والذي بعث محمدا بالحق ما أمسى في آل محمد صاع من شعير ولاصاع من بر ولا درهم ولا دينار.
قال له اليهودي: فإني أشهد أن لاإله إلا الله، وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وآله رسول الله وأشهد أنه ما أعطى الله نبيا درجة ولا مرسلاً فضيلة إلا وقد جمعها لمحمد (صلى الله عليه وآله)، وزاد محمدا (صلى الله عليه وآله) على الانبياء صلوات الله عليهم أضعاف درجة.
فقال ابن عباس لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) وكان ممن حضر الاحتجاج: أشهد يا أبا الحسن أنك من الراسخين في العلم فقال: ويحك ومالي لا أقول ما قلت في نفس من استعظمه الله تعالى في عظمته جلت فقال: (وإنك لعلى خلق عظيم).
إنتهت.
No comments:
Post a Comment