لما قبضت الزهراء عليها السلام غسلها أمير المؤمنين عليه السلام ودفنها سرا حسب وصيتها ولم يعلم بوفاتها الا الخلص من أصحابه وبنوهاشم.
قال الإمام زين العابدين ( عليه السلام ): لمّا قبضت فاطمة ( عليها السلام ) دفنها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) سرّاً، وعفى على موضع قبرها، ثمّ قام فحوّل وجهه إلى قبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مخاطباً إياه قائلا:
السلام عليك يا رسول الله عنّي، والسلام عليك عن ابنتك وزائرتك والبائتة في الثرى ببقعتك، والمختار الله لها سرعة اللحاق بك، قَلّ يا رسول الله عن صفيّتِكَ صبري، وعفا عن سيّدة نساء العالمين تجلّدي، *تحملي، إلاّ أنّ في التأسّي لي بسنّتك في فرقتك موضع تَعَزّ، فلقد وسّدتك في ملحودة قبرك، وفاضت نفسك بين نحري وصدري.
بلى، وفي كتاب الله لي أنعم القبول: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، قد استرجعت الوديعة، وأُخذت الرهينة، واختلست الزهراء فما أقبح الخضراء والغبراء.
يا رسول الله، أمّا حزني فسرمد *أبدي، وأمّا ليلي فمسهّد *سهر لا نوم فيه، وهمّ لا يبرح من قلبي، أو يختار الله لي دارك التي أنت فيها مقيم، كمد مقيّح *حزن طويل ملتهب، وهمّ مهيّج *ألم الفراق المثير دوما للاحزان، سرعان ما فرّق بيننا، وإلى الله أشكو، وستنبّئك ابنتك بتظافر أُمّتك على هضمها *غصبها وأخذهم ما هو ارثها الامامة، فاحفها السؤال، واستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها* عما جرى وصار من بعدك فأورثها قهرا وألما ومراره، لم تجد إلى بثّه سبيلاً، وستقول ويحكم الله، وهو خير الحاكمين.
والسلام عليكما سلام مودّع، لا قالٍ ولا سَئم، فإن أنصرف فلا عن ملالة، وإن أُقِم فلا عن سوء ظنّ بما وعد الله الصابرين، واهاً واهاً، والصبر أيمن وأجمل، ولولا غلبة المستولين لجعلت المقام واللبث لزاماً معكوفاً، ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية عظم المصاب بفقدكما.
فبعين الله تدفن ابنتك سرّاً، وتهضم حقّها، ويمنع إرثها، ولم يتباعد العهد، ولم يخلق منك الذكر، وإلى الله يا رسول الله المشتكى، وفيك يا رسول الله أحسن العزاء، صلّى الله عليك وعليها السلام والرضوان.
Friday, May 14, 2010
تأبين أمير المؤمنين للزهراء سلام الله عليهما
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment